وتداعى بالخراب معظم الضياع، ووقعت القني بين القصور والانقطاع، وشرد في البلاد أكثر الأكرة والزراع. فعندها أخذ الجار بذنب [193 أ] الجار، وألزم القار مؤونة الفار، حتى تمت البلوى، وعمت الشكوى، وشملت خراسان نوائب البؤس، وذهبت حرائب النفوس. وصدمتهم سنة القحط بعقبها «1»، فصار الغني محسورا، والمتوسط مفقورا، والفقير مقبورا، وكان أمر الله قدرا مقدورا «2».
وبقيت في رقاب خراسان بقايا كل متعذر ومتكسر، وتاو «3» ومتحير، لو أذيبت عن آخر فقرة منها لم يف ببعضها ، فضلا عما جمعته أقلام الاستيفاء منها، فأظهر السلطان ضجرا من نحير الأموال وتراجع الارتفاعات، فطالب الوزير منها بما اقتطعه، وأتواه «4» وضيعه، وهو يرجع القول على سبيل الدالة بين البراءة والإحالة «5»، فمهما عضه العتب بثقافه أظهر الاستعفاء، وجلب إلى نفسه البلاء. وأسلم النفس اختيارا، وآثر الحبس قرارا.
وتوسط الملأ بين السلطان وبينه على أن يجبر بعض المنكسر من خاص ماله مما استفضله طول وزارته من مرافق أعماله، فأبى أن ينزل عن درهم إلا بعزله وحبسه أنى شاء من قلاعه، صنيع المتبرم بالعمل، المتنغص بالأمل، المستسلم للبلية، المتحكك بالمنية.
واختار عند ذلك السلطان الدهقان أبا إسحاق محمد بن الحسين وهو إذ ذاك رئيس بلخ لصحابة الديوان، [193 ب] واستنظاف «6» البقايا على العمال والسكان.
مخ ۳۵۵