ولوت الهنود «9» بعد ذلك أذنابها على رؤوسها، ورضوا بأن «10» يسلموا من حر الطلب في أقاصي ديارهم، ويتركوا في شعارهم، بمنابت «11» أشعارهم. وصفت تلك النواحي لذلك الأمير، ودرت عليه إخلاف الأموال، وانحلت له عقد الجبايات، وحصل له من وجوه الغنائم وغيرها [19 أ] مائتا رأس من الفيلة الحربية. وكثف سواد جيوشه، ودانت له الأفغانية «1»، والخلج، فمتى شاء، استثار منهم الآلاف في خدمته، وامتهن «2» الأرواح والنفوس في نصرته، والقيام بفرض طاعته.
وعند ذلك أوجب إغاثة الأمير أبي القاسم نوح بن منصور والي خراسان، وإعانته على جيوش الترك الذين أجلوه عن دار ملكه ببخارى، وزحزحوه عن وطنه بها، حتى فرق دهماءهم، واضطرهم إلى الانهزام وراءهم، كرما لم ينشط له غيره من أولياء تلك الدولة، وأنشاء «3» تلك النعمة، لا جرم أن الله عز وجل حاز له جماله وذكره، وقصر عليه سناءه وقدره، وجعل كدحه سببا لا نسياق الملك إلى ولده، وتوطئة لبقاء العز في عقبه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم «4».
ذكر الأسباب التي أطمعت الترك في ولاية الأمير أبي القاسم نوح
بن منصور وتوسط مملكته، وإجلائه عن بيته وخطته
مخ ۳۷