238

وكان أبو نصر بن محمود الحاجب «6» قد ألجأه بعض المحن التي دهته إلى خدمة شمس المعالي، فمهد له كنفه، وحكم في اصطناعه شرفه، ووالى الصنائع والرغائب إليه، وملأ من الأموال يديه، وسهل ركوب [134 أ] المطالب عليه، ثم رماه في وجه نصر بن الحسن بن فيروزان «7» مزاح العلة بقدر الكفاية، من ذوي البسالة والنكاية، فخف إليه بجأش ثبت، ووجه على الحادثات صلت «8»، وأحرق عليه الأرض حربا بكرا على يده، وعوانا «9» على أيدي أعوانه «10» ومدده. ثم حمل على جموعه حملة شردتهم كل مشرد، وطردتهم بين أعين البيد كل مطرد. وعلق في حبالة الأسر جستان «11» بن الداعي، وابن هندو وغيرهما من أعيان القواد. واصطف على جدالة الحرب من القتلى ما شبعت به الضباع، بل سمنت عليه الوحوش الجياع. وانهزم نصر من بين يديه إلى سمنان [في جمادى الآخرة سنة تسعين وثلثمائة] «1».

وكان نصر على جلالة بيته، وفخامة عشيرته «2» ورهطه، مغرما بالظلم، مغرى «3» بالحيف والغشم. ووافقت ولايته «4» مدرج «5» الحجيج، زوار «6» البيت العظيم «7»، وزمزم والحطيم، فشملهم عيثه «8» في كل سنة بوجوه من المطالبات المختلفة، والمعاملات «9» المجحفة، حتى انتشر عنه سوء الأحدوثة، وحبط عليه جمال تلك الجملة الموروثه.

ولعل عثار الزمان به عدوى «10» ضجيج الحجيج عنه [134 ب] بالاستغاثة في حالتي الوقوف والإفاضة.

وواصل نصر الري بكتبه في الاستنفار، والاستنهاض من صرعة العثار، فمد له في طول التطويل، بأنواع التعليل «11» والتأميل:

مخ ۲۴۷