یا اخوتی
يا إخوتي: قصائد مختارة من شعر أنجاريتي
ژانرونه
1912م
يغادر الإسكندرية إلى باريس عن طريق إيطاليا، وفي نيته - كما كان الحال مع كاتبنا الرائد الأصيل: توفيق الحكيم! - أن يدرس الحقوق استجابة لإلحاح أمه، كما سبق القول قبل الرجوع إلى مصر مرة أخرى.
وترسو به الباخرة في ميناء برينديزي، ويقيم فترة قصيرة في روما، ثم يستقر إلى حين في فلورنسة، بالقرب من أصدقائه الذين كان يراسلهم من مصر وكانوا يصدرون مجلة الصوت، ونخص منهم بالذكر: صديقيه جاييه وبريتزوليني. هنا يرى الجبل لأول مرة، ويتذوق فن العمارة عن كثب بعد أن تعود على «فتاته» القليل أثناء حياته بالإسكندرية أمام البحر وعلى حافة الصحراء الشاسعة المحيرة بأسرارها وألغازها. ويصل في الخريف إلى باريس حيث يقيم في فندق متواضع الحال مع رفيقه وصديقه الذي عرفه في مصر، وهو محمد شعيب، في شارع «دي كارم» كما ذكر ذلك في قصيدته السابقة الذكر عنه. وكان أصدقاؤه في فلورنسة قد حملوه توصيات يقدم بها نفسه لبعض الأدباء المشهورين في باريس، ومنهم: الشاعر الكاثوليكي تشارل بيجي، وعالم الاجتماع جورج سوريل. غير أنه، كما سنرى بعد قليل، صادق أدباء ومصورين آخرين، واختلط بالدوائر الطليعية في الشعر والفن، وتابع الجدل الحاد بين التقليديين والمستقبليين، والأهم من ذلك كله أنه بدأ يكتب أولى قصائده ...
1913م
بدأ في التردد على المقاهي الأدبية في باريس، وانعقدت أواصر المودة بينه وبين الشاعرين الكبيرين سان-جون-بيرس، وجيوم أبو للينير الذي أصبح صديقه الحميم. وتعرف إلى بيكاسو، وموديلياني، ودي كيريكو، وبرانكوزي، وسافنيو، والشاعر ماكس جاكوب، واتصل بالجماعة الفلورنسية التي انشقت عن جماعة الصوت، وأسست مجلة أخرى تدعو للأفكار المستقبلية، وهي مجلة «لاتشيربا» التي بدأ ينشر فيها أشعاره وترجماته الأولى. وتوافد على باريس بعض أعلام الأدب والنقد في إيطاليا، مثل بابيني وسوفيتشي وبالاتسسكي، وبعض الرسامين المستقبليين مثل بوتشوني وكارا ومانيلي. وفي الصيف انتحر صديقه محمد شعيب، في نفس الفندق الذي كانا ينزلان به معا في شارع «دي كارم»، وأخذ يتردد على محاضرات الأدب في السوربون، بعد أن ودع إلى الأبد دراسة الحقوق، ويستمع إلى أساتذة كبار، مثل مؤرخ الأدب الشهير لانسون وغيره، كما يواظب على الاستماع للمحاضرات التي كان يلقيها برجسون في الكوليچ دي فرانس، عن الزمان والديمومة والشعور المباشر، وأثرت تأثيرا عميقا على مجموعة قصائده «عاطفة الزمن» ...
1914م
يرجع إلى إيطاليا للحصول على شهادة تؤهله لتعليم الفرنسية، ويستقر في ميلانو حيث يؤدي الامتحان بنجاح ويعمل بالتدريس. وفي انتظار استدعائه للتجنيد يجمع قصائده الأولى التي ستشكل القسم الأول من ديوانه الشهير (الفرح)، ويستدعى للاشتراك في الحرب ويرسل إلى الجبهة النمسوية، ثم إلى الجبهة الفرنسية في منطقة شامبني. وفي أثناء ذلك يواصل نشر أشعاره في مجلة «لاتشيربا» كما يكتب أولى قصائده من «الخندق»، وهي قصيدة «الميناء المدفون» في الثاني والعشرين من شهر ديسمبر سنة 1915م. ثم يضم إليها قصائد أخرى، وتنشر تحت العنوان نفسه في مدينة «أودينة» بفضل صديقه إتوري سيرا في ثمانين نسخة يهديها إلى أصدقائه في نابولي وفلورنسة. وهذه القصائد الأولى التي كتبها أثناء الحرب هي يوميات روحية، وشهادات شعرية وإنسانية على اكتشاف الإيقاع والنغمة والكلمة «المحفورة كالهوة» - على حد تعبيره - في لحمه وروحه. كل هذا يؤكد التحام حياته وتجاربه الشخصية منذ البداية مع حياة العالم والهموم العامة، سياسية واجتماعية كانت أو ميتافيزيقية وصوفية وفلسفية؛ لذلك لم يكن عجيبا أن يصر على وضع أعماله الشعرية والنثرية الكاملة - التي أصدرها الناشر الشهير موندا دوري في ميلانو كما سنرى بعد قليل - تحت هذا العنوان الدال: «قصة حياة إنسان».
1918م
يصل إلى باريس مع إعلان الهدنة، ويغتنم الفرصة لزيارة أصدقائه، وبخاصة أبو للينير، فيسارع إلى بيته حاملا معه هدية السجائر التوسكانية التي كان يحبها. وإذا به يفاجأ باحتضار صديقه الذي كان يلفظ أنفاسه الأخيرة.
1919م
ناپیژندل شوی مخ