وأنا الذي صرت على حافة قبري، ربما أغمض في هذا العام عيني لأفتحهما على عرش الديان الرهيب، فماذا أقول لك يا يسوعنا الحبيب إذا سألتني: كيف تركت رعيتك أهالي عين كفاع؟
هنالك لا كذب يا أولادي، أقول له تركتهم حزبين يلعب بينهم الغزال ... هذا من حزب بولس، وهذاك من حزب أفلو، وفي الحزبين أولادي وأبناء أخي وبنو أختي وأحفادي وأصهاري وأقربائي، يا خيبتي! أقول له: تركت البغض في القلوب يحرق الأخضر واليابس وما قدرت أن أصالحهم، يا خجلتي منك يا يسوع! أقول له: تركت الضيعة قائمة قاعدة، والشيطان معشش فيها، دق رزة واستبرك، يا ويلتي من تلك الساعة! فأستحلفكم يا أولادي بجراحات وآلام سيدنا يسوع أن لا تبعثوني إلى الدينونة بهذه الخيبة.
وأنتم يا إخوتي الشيوخ، ماذا تحملون إلى القبر؟ فكروا في هذه الكلمة وكونوا قدوة لأبنائكم، تذكروا كلمة الرب يسوع: «من أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك، فخل له رداءك أيضا.»
فإلى التسامح والغفران أيها الأبناء الأعزاء، إذا شئتم أن تقوموا مع المسيح وتتجددوا بروحه، اغفروا لي يا إخوتي جميع ما أخطأت به إليكم بالفكر والقول والفعل، شمسي صارت على الغياب، سامحوني وتذكروني في العام المقبل وصلوا لأجلي.
وأخيرا أسأل الله الذي جمعنا في هذه الدنيا ألا يفرقنا في الآخرة، بشفاعة القديس روحانا صاحب المقام، والقديسين العظيمين مار مارون ومار يوحنا مارون، والرسولين الطاهرين بطرس وبولس، فلتحل عليكم نعمة الثالوث الأقدس الأب والابن والروح القدس، آمين والسلام لجميعكم.
واستأنف الكهنة الذبيحة الإلهية، فصاح الشمامسة منشدين نشيد القيامة: سلاما سلاما للقريبين مع البعيدين ... إلخ.
وبعد أن بخر الكاهن الشعب غسل يديه، ولم يستطع أن يضبط لسانه، فالتفت إلى الشعب ثانية وقال: أكثركم يرى الخوري يغسل يديه في القداس ولا يعرف معنى ذلك، هذا يا أولادي، إشارة إلى عمل بيلاطس البنطي عندما سلم المسيح إلى قيافا وزمرته، غسل ذلك الظالم يديه وقال: «أنا بريء من دم هذا الصديق.»
أنا يا إخوتي لا أقول ذلك، بل أقول بالعكس، أقول ما قاله النبي داود: «امح يا رب ذنوبهم وخطاياهم، انضحهم بالزوفى فيطهروا، اغسلهم فيبيضوا أكثر من الثلج، قلبا نقيا اخلق فيهم يا الله، وروحا مستقيما جدد في داخلهم.»
وولى وجهه صوب المذبح ومضى في عمله، فصاح الشماس عند أخذ «السلام» من يد الكاهن: ليعط كل واحد قريبه السلام بمحبة وأمانة ترضي الله، هلم بالسلام يا أبانا الكاهن النقي.
فعلت الضجة في الكنيسة، فظن الكهنة أن قد علق الشر، التفتوا فوقعت أعينهم على مشهد لم يسبق له نظير في التاريخ الكنسي، أهل القرية يتصافحون ويتسالمون في صحن الهيكل، كل يفتش عن خصمه ليعطيه السلام ويصافحه ويقبله.
ناپیژندل شوی مخ