فنظر الكهنة إلى بعضهم مبهوتين كمن حاول طويلا حل عقدة وإذا بها تنفرج بين يديه فجأة، لم يفوهوا بكلمة بعد هذا، ودخلوا الكنيسة ثلاثتهم وصلوا صلاة المساء ورتبة الغفران، ثم انصرفوا إلى بيوتهم، إلا الخوري يوحنا عبود فظل في ساحة الكنيسة يتمشى ذهابا وإيابا وله من نفسه رفيق يحدثه ويناجيه ... ودخل الهيكل بعد ذلك فخلع عن المذبح ثوب الحداد وزينه لاستقبال العريس الذي غلب الموت بالموت، ووهب الحياة لمن في القبور. •••
وقضى الخوري يوحنا عبود ليلة السبت في الكنيسة يعرف ويصلي منتظرا ساعة القيامة ليبتهج بالرب، وركع طويلا أمام القبر يسأل الفادي النعمة للضيعة وللمؤمنين بالمسيح جميعا، وكانت ليلة حزنه تنجلي كلما اقترب نصف الليل، كنت ترى وجهه يشرق رويدا رويدا كجبال لبنان عند دنو طلوع القمر.
وأزفت الساعة فهب الخوري يقرع الجرس كأنه ابن عشرين، وتوارد الناس على الهيكل بيوتا بيوتا، كبارا وصغارا، فامتلأ الهيكل بمصابيحهم وفاض نورا، وكلهم بألبسة العيد.
واشترك الكهنة الثلاثة في إقامة الذبيحة الإلهية بوجوه تفيض بشرا، كأن هناك قيامة حقيقة وظفرا واقعيا، ويا لغبطة الخوري عندما هتف بصوته الجهوري الذي ملأت اهتزازاته حنية المذبح خشوعا ورهبة:
المسيح حقا قام
فافرحوا أيها الأنام
ورد عليه الشعب:
مريم كفي البكا
المسيح حقا قام
وأقام الكهنة مخلصهم من قبره بحسب المراسيم البيعية المارونية، وطافوا بالصليب والزهور في الكنيسة ثلاثا، وفي أيدي الناس الشموع المضاءة، وبعد انتهاء الطواف وزعت الأزهار المباركة على الشعب، ثم استأنف الكهنة رتبة القداس الاحتفالي.
ناپیژندل شوی مخ