وخرج آخر الأمر صامتا يجرر قدميه حتى صار في مخدع أمه، فقامت إليه في لهفة وقالت: تجلد يا سيف.
فقال لها: قلبي يتمزق. الحياة تسخر مني، ولا أكاد أصدق أنني لست في خيال الأحلام.
فقالت ريحانة : تجلد يا سيف فما هي سوى الحقيقة.
فقال في دفعة: أية حقيقة يا أمي! أأرضى أن أضيع خيلاء هكذا؟
فقالت: إذا شئت أن تبقى لك.
فقال: وما بقاؤها لي هناك في نجران؟
فقالت: ستبقى لك بتولا حتى تلتقيا في السماء. نعم، في السماء يا سيف. ما أشقى الذين لا يجدون في أنفسهم إيمانا!
ثم انتفضت بعد لحظة صمت وقالت: ماذا قلت لك يا سيف؟ السماء؟ ما هي سوى أكاذيب أداري بها عداوتي وحقدي. لن يصل إليها يكسوم؛ وهذا كل عزائي. لن يحرمك منها لكي يجعلها في قصر غمدان أمة أخرى. لن تكون خيلاء أمة ثانية أو ملكة ثانية في مثل شقائي، وهذا كل شيء.
فقال سيف: لن تكون له. سأقف دونها بسيفي أدفع عنها، بل سنخرج الليلة من صنعاء وننجو معا من العبودية واليأس.
فقالت: أنت تلقي بها إليه إذا فعلت. استمع إلى أمك يا ولدي، أو استمع إلى صديقة عرفت الحياة في أبشع صورها، مكشوفة كالحة لا تداري قبحها. ليتني وجدت ديرا يعصمني.
ناپیژندل شوی مخ