153

وجهة العالم الإسلامي

وجهة العالم الإسلامي

خپرندوی

دار الفكر معاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق

د ایډیشن شمېره

١٤٣١هـ = ٢٠٠٢م / ط١

د خپرونکي ځای

سورية

ژانرونه

درجة النشاط أو العمل الفني، الذي يعد وحده كفيلًا بتحديد مكانه في العالم الحديث، حيث يحتل مبدأ (الفاعلية) أول درجة في سلم القيم، وهذا المبدأ من أحوج الأمور بالنسبة لنا، وهو يزداد ضرورة حين نرى العالم الحديث- بعد أن أمضى قرونًا في تجربة طويلة- يبدأ تجربة أخرى تحمل شعارًا لها قول شكسبير في قصة هملت: «إما وجود أو عدم»، والواقع أن الظروف التي تجتازها الإنسانية الآن على قدر هائل من التعارض، حتى ليبدو لنا أن الإنسانية حائرة ذاهلة، لا تدري أي الحدين تمضي إليه، فإذا كان العمل العلمي والتأثير الاقتصادي قد دفعا العالم إلى وضع قريب من الاتحاد، فإن الأفكار على العكس من ذلك، قد أبقت داخله خمائر التفرق والنزاع، وهنا نجد البون شاسعًا بين ضمير الإنسانية الرجعي، وعلمها التقدمي. بيد أن هذا التخلف بين الضمير والعلم، لم يعد أمرًا مستحيلًا يتلخص في موقف نزاع بين طرفين، بل أصبح متنافيًا مع وجود النوع الإنساني ذاته. فالأوضاع الاقتصادية التي خلقها القرن التاسع عشر، قد فرضت في كثير من المجالات قيمًا إيجابية، تخلع على العالم صفة الوحدة الأرضية، وما محكمة العدل في لاهاي والقانون الدولي والقانون البحري، إلا مظاهر خاصة لذلك الاتجاه العام الذي لا يفتأ يمهد الطريق لتوحيد العالم، وهناك مؤتمرات مختلفة للتنظيم العلمي والفني والاتحادات النقابية العالمية، كاتحاد البريد العالمي، وهي خير شاهد على حاجة الشعوب إلى تنظيم حياتها على أساس من التعاون والعمل المشترك. أما في المجال السياسي، فقد ظهر الاتجاه إلى العالمية جليًا، منذ برزت المرحومة عصبة الأمم إلى عالم الأحياء. وما من يوم يمر، إلا تطالعنا فيه بواكير اتحاد عالمي في مختلف ميادين الحياة الدولية. بل لقد استفحلت هذه النزعة منذ كانت الحرب العالمية الأخيرة،

1 / 166