With People
مع الناس
خپرندوی
دار المنارة للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الثامنة
د چاپ کال
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
د خپرونکي ځای
جدة - المملكة العربية السعودية
ژانرونه
ولم أقرّه على ما قال ولا سكتُّ له، ولكني ازددت يقينًا بيني وبين نفسي بأن من الواجب أن نقضي على هذه الصناعة التي اسمها «المشيخة» (١)، وأن نُفهم الناس أن هذه المظاهر لا قيمة لها إن لم يكن معها علم صحيح وتقوى حقيقية، وأنها ليست شرطًا للعلم ولا للتقوى ولا تَلازمَ بينها وبينهما، فرُبّ عالِم ليس بذي عمامة ولا جبّة، ورُبّ جاهل مخادع وهو صاحب عمامة كالبرج وكُمّ جبّة كالخرج.
وأن يكون الدعاة إلى الإسلام عالِمين بالإسلام حقًا، بعيدين عن الغلظة في القول وعن الجهل بالدنيا وعلومها وعاداتها، فليس من الضروري أن يكون الداعي إلى الله غريبَ اللهجة مستنكَرَ الهيئة، ولا أن يأكل بأصابعه إن أكل الناس بالملعقة والشوكة، ولا أن يُقعد ضيوفه على الطراريح وفي بيته الكراسي والمقاعد، ولا أن يتشدّق ويمضغ الكلام ويحرص على الإخفاء والإدغام، ولا أن يكلّم الناس من فوق المآذن ... بل أن يستنّ سنة الرسول ﷺ: يلبس كما يلبس الناس ويأكل كما يأكل الناس، إلاّ أن يكون في ذلك ممنوع في الشرع، وأن يتلطّف بالأمر والنهي، وأن يبدأ بما بدأ به الرسول ﷺ من تصحيح العقيدة وتعلم الفرائض وبيان الكبائر، وأن يخاطب الناس على قدر عقولهم وعلى مقتضى أحوالهم، وألاّ يبدأ بفروع الفروع قبل أن يؤصّل الأصول، فإذا وجد رجلًا يدخل المسجد أو يؤمّ مجلس أهل الدين أول مرة وهو لا يدري ما الإسلام، ورآه يشرب بشماله مثلًا أو يتجرع الكأس أو لا يسمي، لم يحسن به أن يصرخ في وجهه بأنه خالَف السنّة
(١) قلت المشيخة، لا العلم ولا الصلاح، فانتبهوا لما قلت.
1 / 181