وانظر ما اشتملت عليه هذه الآية الشريفة مما هو موعظة للمتعظين وعبرة للمعتبرين، فإنه أولا بدأ فيها بالقسم الرباني، وأقسم بنفسه عز وجل وتقدس مشرفا له [صلى الله عليه وسلم] بإضافة الربوبية إليه، جازما بنفس الإيمان عمن خالف هذا القسم الرباني، فقال: لا يؤمنون. ثم جعل لذلك غاية هي تحكيمه [صلى الله عليه وسلم] فيما شجر بين العباد.
ثم لم يكتف بذلك حتى قال: {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت} فلا ينفع مجرد التحكيم لكتاب الله سبحانه ولسنة رسوله [صلى الله عليه وسلم] وآله وسلم، حتى لا يكون في صدر المحكم لهما حرجا من ذلك القضاء.
ثم لم يكتف بذلك، حتى قال: {ويسلموا} فلا ينفع مجرد التحكيم لهما مع عدم الحرج من الحكم عليه بهما حتى يسلم ما عليه مما أوجبه القضاء بهما، ثم جاء بالتأكيد لهذا التسليم المفيد أنه أمر لا مخلص عنه، ولا خروج منه.
فكيف يجد من كان وليا لله سبحانه حرجا في صدره على خصمه المطالب له بحق يحق عليه التخلص منه، أو على حاكمه الذي حكم به عليه؟ {
فإن هذا ليس بصنيع أهل الإيمان بالله، فكيف بأوليائه الذين ضموا إلى الإيمان ما استحقوا به اسم الولاية، والعزة الربانيه؟} !
ولكن هذا إذا كان الخصم يعلم أنه محق في طلبه، وأن ذلك الحق ثابت له لا محالة، فإن القاضي: إنما يقضي له بالظاهر الشرعي، كما ثبت عنه
مخ ۲۶۳