جواز الكرامات:
ومن وهب له هذه الموهوبات الجليلة وتفضل عليه بهذه الصفات الجميلة بغير بعيد، ولا مستنكر أن تظهر على يده من الكرامات التي لا تنافي الشريعة والتصرفات في مخلوقات الله عز وجل الوسيعة، لأنه إذا دعاه أجابه وإذا سأله أعطاه، ولم يصب من جعل ما يظهر من كثير من الأولياء من قطع المسافات البعيدة، والمكاشفات المصيبة، والأفعال، التي تعجز عنها غالب القوى البشرية، من الأفعال الشيطانية والتصرفات الإبليسية.
فإن هذا غلط واضح، لأن من كان مجاب الدعوة لا يمتنع عليه أن يسأل الله سبحانه أن يوصله إلى أبعد الأمكنة التي لا تقطع طريقها إلا في شهور في لحظة يسيرة، وهو القادر القوي الذي ما شاءه كان، وما لم يشأه لم يكن، وأي بعد في أن يجيب الله دعوة من دعاه من أوليائه في مثل هذا المطلب وأشباهه. وفي مثل هذا يقال ما قاله الشاعر:
(والناس ألف منهم كواحد ... وواحد كالألف إن أمر عفا)
وقول الآخر:
(ولم أر أمثال الرجال تفاوتا ... من الناس حتى عد ألف بواحد)
بل هذا الذي تفضل الله عليه بهذه التفضلات لا يعدله الألف ولا الآلاف ممن لم ينل ما نال، ولا ظفر بشيء من هذه الخصال.
مخ ۲۴۳