قال بارتليت وهو يلقي زمام الحصانين إلى شاب خرج إليه من البيت: «لا أكترث به.»
ركض رينمارك إلى الطريق وصاح بعلو صوته مناديا ييتس البعيد. وكان واضحا أن ييتس لم يسمعه، لكن شيئا ما في البيت التالي جذب انتباه ذلك السائر الهائم، وبعدما وقف للحظة محدقا ناحية الغرب، رأى البروفيسور يلوح له. وحين التقى الرجلان، قال ييتس: «إذن فقد وصلنا، أليس كذلك؟ أصغ إلي يا ستيلي، إنها تعيش في البيت المجاور. رأيت العربة في فنائه.» «تعيش؟ من تقصد؟» «عجبا لك، تلك الفتاة الجميلة التي مررنا بها على الطريق. سأشتري زادنا ومؤننا من ذلك البيت يا ستيلي، إذا لم يكن لديك مانع. بالمناسبة، كيف حال صديقي العجوز الذي يعيش في عام 1812؟» «لا يبدو أنه يضمر أي بغضاء. في الحقيقة، كان انزعاجه بشأن الثورة أشد من انزعاجه بشأن الضربة التي سددتها إليه.» «كانت معلومة جديدة له، هاه؟ حسنا، أنا سعيد بأنني ضربت رأسه بمعلومة جديدة.» «لقد فعلت ذلك بطريقة غير علمية تماما بالتأكيد.» «ماذا تقصد بغير علمية؟» «أقصد تسديد اللكمة. لم أر في حياتي لكمة سفلية مسددة بطريقة أخرق من هذه.»
نظر ييتس إلى صديقه مشدوها. فكيف لهذا الرجل الهادئ المتعلم أن يعرف أي شيء عن اللكمات السفلية أو كيفية تسديد اللكمات؟! «حسنا، ولكن يجب أن تعترف بأنني أصبت الهدف مع ذلك.» «نعم، بالقوة الغاشمة. كان من الممكن لأي مطرقة ثقيلة أيضا أن تفعل ذلك. ولكن كانت لديك فرصة ثمينة لفعل ذلك بإتقان وبراعة، دون أي إظهار للقوة المفرطة، إلى حد أنني ندمت على رؤية فرصة كهذه تهدر.» «يا رباه يا ستيلي، هذا هو البروفيسور في ثوب جديد! ماذا تدرس في جامعة تورنتو على أي حال؟ فن الدفاع النبيل عن النفس؟» «ليس بالضبط، ولكن إذا كنت تنوي التجول في كندا بهذا السلوك العدواني، فأظن أنه سيجدر بك أن تأخذ بعض النصائح مني.» «أظنك ستقرن نصائحك ببعض الأمثلة المدهشة. يا إلهي! سوف أعمل بنصائحك يا ستيلي.»
حين وصل الاثنان إلى البيت، وجدا بارتليت جالسا على كرسي هزاز خشبي في الشرفة يتطلع بتجهم إلى الطريق.
قال ييتس: «يا لهذا الرجل من طاغية عجوز في بيته بالتأكيد!» ولم يكن لدى البروفيسور متسع من الوقت ليرد قبل أن يصبحا في مرمى سمع صاحب البيت.
قال المزارع بفظاظة: «المرأة العجوز تعد العشاء.» وبدا أن هذه المعلومة هي أقصى ما استطاع الوصول إليه في محاولة دعوتهما إلى أخذ نصيبهما من ضيافته. لم يكن ييتس يعرف ما إذا كان المقصود بذلك دعوتهما إلى العشاء أم لا، لكنه رد باقتضاب قائلا: «شكرا، لن نبقى.»
صاح بارتليت غاضبا: «تحدث عن نفسك إذا سمحت.»
قال رينمارك: «أوافق صديقي الرأي بالطبع، لكننا ممتنان لك على هذه الدعوة.» «افعلا ما تشاءان.»
وفجأة، صاح صوت مبتهج من داخل البيت بينما ظهرت امرأة بدينة متوردة البشرة ذات مظهر ودود للغاية عند الباب الأمامي: «ما هذا؟ لن نبقى؟ من ذا الذي لن يبقى؟ أود أن أرى أي شخص يغادر بيتي جائعا حين تكون ثمة وجبة جاهزة على المائدة! وإذا كان بإمكانكما، أيها الشابان، تناول وجبة أفضل في أي مكان على طريق ريدج مما سأقدمها لكما، فلا بأس، يمكنكما أن تذهبا إلى هناك المرة القادمة إن شئتما، لكن هذه الوجبة ستتناولانها هنا، في غضون عشر دقائق. هذا خطؤك يا هيرام. فأنت دائما ما تدعو أي شخص إلى العشاء كما لو أنك تريد مصارعته!»
انتفض هيرام انتفاضة شخص مذنب، ونظر بشيء من المناشدة الصامتة إلى الرجلين لكن دون أن يقول شيئا.
ناپیژندل شوی مخ