واعلم: أن مولانا وإمام زماننا أيده الله تعالى قد أحيا الله ما اندرس من معالم علم آبائه وأجداده الذين هم سفن النجاة، وله من العناية بسائر العلوم والتحري في طرقها ما ليس لأحد من أبناء زمانه مثله، سيما علم الحديث الذي كاد يندرس في البلاد وتنمطس معالمه مع شدة الحاجة إليه، وكثرة الاعتماد عليه، وهو يفتقر إلى تصحيح الرواية، لما قد وقع من التحريف والكذب على النبي صلى الله عليه وآله.
نقلت من خط مولانا أمير المؤمنين أيده الله تعالى ما لفظه: المروي عن النبي صلى الله عليه وآله من الأخبار غير مصون من إفك المنافقين، ووضع الفاسقين، ووهم الواهمين، ثم من حشو الملاحدة وأهل البدع والأهواء من المارقين الخوارج، وعتاة النواصب، وغلاة الروافض، وطغام المجبرة والمشبهة، وهمج القصاص والوعاظ والحشوية، وأغتام الظاهرية والكرامية والخطابية وغيرهم مما لا أحصي كثرة من المسترسلين في وضع الأخبار من عوام المتفقهين ونساك المتعبدين والمتصوفين الذاهبين إلى قبول المجهولين.
قال شعبة: لم يفتش أحد عن الحديث تفتيشي، فوجدت ثلثي ما وجدت منه كذبا.
وقال ابن المعتز: كذبنا عن الكذابين، ولقد تسامح من ينظر إليه في أحاديث الترغيب والترهيب، واعتمد من يعتمد على قوله في وجوب العمل بما ظن صدقه، مع أن المعلوم عقلا أن الظن يخطئ، ومع قوله تعالى: {إن الظن لا يغني من الحق شيئا}، وقوله تعالى: {إن بعض الظن إثم }.
مخ ۹۱