بعد أن طرد الشعب أبا حمو (102)، استرد أبو زيان حريته واسترجع التاج وظل يحكم إلى أن قتله بربروس (103) كما قلنا آنفا. وهرب الأخ الثالث (104) إلى فاس وارتمى بين يدي الملك (105). واستدعاه سكان تينس ونودي به ملكا وحكم فيها بضعة أعوام وترك المملكة بعد وفاته لابنه، وهو شاب طرده بربروس أيضا. وهكذا اضطر إلى الذهاب إلى أسبانيا لمقابلة صاحب الجلالة القيصرية الامبراطور شارل، الذي كان حينئذ ملك أسبانيا. ووعده بالمساندة، ولكن مضى وقت طويل قبل أن يفي بوعده؛ وفي هذه الأثناء تنصر أمير تينس وكذلك أخوه الأصغر، وظل الاثنان في أسبانيا ومنحهما الامبراطور معاشا طيبا. وآلت تينس إلى يدي أحد الأخوين بربروس (106).
ولا يوجد أي أثر للتهذيب في هذه المدينة، وتنتج أرضها الكثير من القمح والكثير من العسل، ولكن هذا كله لا يعود إلا بمبالغ تافهة.
مازونه
مازونة مدينة قديمة بنيت، حسب قول بعضهم، على أيدي الرومان على مسافة أربعين ميلا من البحر (107). وتمتد على مساحة كبيرة وأسوارها منيعة، ولكن بيوتها قبيحة وبائسة. وفيها جامع وبعض مساجد.
وقد كانت في الماضي مدينة متحضرة جدا ولكنها كثيرا ما تعرضت للنهب، تارة من قبل ملوك تونس، وتارة أخرى من قبل العصاة. وكان آخر خراب لحق بها في أعقاب سيطرة العرب (108) حتى لم يبق فيها الآن سوى النذر اليسير من السكان.
وهؤلاء هم من الحياك أو من الفلاحين. وجميعهم فقراء لأن العرب يرهقونهم بالإتاوات، وأراضيها الزراعية طيبة ومنتجة.
مخ ۴۰۷