الصناع المتنوعون، الدكاكين، الأسواق
تنفصل جماعات المهن في فاس بعضها عن بعض. وتقع أشرفها حول إطار الجامع وبالقرب منه.
وهكذا يشغل كتاب العدل حوالي ثمانين دكانا بعضها ملتصق بجدار الجامع والبعض الآخر واقع في واجهته. وفي كل دكان كاتب عدل.
وإلى الغرب من ذلك توجد المكتبات التي تشغل ثلاثين دكانا. وإلى الجنوب يوجد باعة الأحذية الذين يتوزعون في مائة وخمسين دكانا. ويشتري هؤلاء الباعة الأحذية والخفوف من الحذائين بالجملة ويعيدون بيعها بالقطاعي (140). وإلى الشرق من الجامع يوجد باعة الأواني النحاسية ومن النحاس الأصفر. وفي مواجهة الباب الرئيسي للجامع، في الغرب، تقع دكاكين باعة الفواكه الذين يشغلون خمسين دكانا يبيعون فيها الثمار. ويأتي بعدهم باعة الشمع الذي يصنعون منه أبدع الاشكال التي رأيتها في حياتي. ثم يأتي باعة الخيطان، ولكن لهؤلاء القليل من الدكاكين.
ونجد بعدئذ باعة الزهور الذين يبيعون بالإضافة لذلك الليمون بنوعيه. وعند ما يرى الانسان كل هذه الزهور الكثيرة الأنواع يخال نفسه في أبهى المروج وأكثرها نضرة في العالم، أو يرى أمامه لوحة مرسومة بأكثر الألوان تنوعا. ونجد هنا حوالي عشرين دكانا لأن الذين اعتادوا شرب النبيذ يفضلون أن يروا بعض الزهور إلى جانبهم.
وبعد الزهارين يأتي باعة الحليب الذين تزدان دكاكينهم بآنية من المايورقي (*).
ويشترون الحليب من البقارة الذين يعلفون ابقارا لهذه التجارة. ويرسل هؤلاء البقارة في صبيحة كل يوم حليبهم في أوعية من خشب مطوقة بالحديد، تكون ضيقة جدا عند فتحتها وعريضة في قعرها، ثم يبيعونه في دكاكينهم. أما الحليب الذي يتبقى لدى هؤلاء الحلابين، في المساء وفي الصباح، فيشتري بعض التجار الذين يصنعون زبدة من قسم منه ويتركون الباقي ليتحمض ويبيعونه للزبائن على شكل حليب حامض وفاتر. واعتقد أنه يباع في فاس يوميا مقدار خمسة وعشرين بطة (141) ما بين حليب طازج وحامض.
مخ ۲۳۹