286

============================================================

النفس عن ارادة الدخول في معرفة الجليل جل جلاله، وعظيم عظمته، وكبير كبريائه.

ولو اجتهدت قلوب العارفين الأولياء بحدة فهومهم، واثبات يقينهم، وقوة عوهم، وخفي مرادهم وقرب ذهنهم، وسعة فعطتهم، وكشف عينهم ونفاذ هممهم الى استدراك مرادهم، ونائص الفتنسة من بصيرتهم، وحسن عقولهم، وفراغ قلوبهم لمطالبة ارادتهم، وإصابة توفيقهم، لكان ما نالوه عندما لم ينالوا من جميع ما أرادوا كلا شيء: فسحانه جل جلاله وثناؤه، وتقدست أسماؤه، حصرت قلوب أولي الألباب عن التفتيش في ذلك بكيفيته، وانقطعت أوهامهم عن مبلغ آستدراك علومهم بكليته، ورجعت أبصار قلوبهم خاسثة إجلالا لعظمته، بقدرته كون الأسباب تكوينا، وأتقن الصنع إتقانا متينا، وكل شيء كان فهو قبله، وكل شيء يكون فهوبعده.

خلق الأشياء بدلالة مستدل تدل على دلالته، وأحكمها صنعا بغير مثال سبقت بدايته، وكان أعظم الأشياء لا شيء حين لا شيء، وكل شيء كان فمن مشيته، شاء الأشياء بلا مشيثة شيئت من غير مشيئته (3).

فتبارك منشىء الأشياء وهو شاعها من قبل وميزها، وتبارك من ليس كمثله شييء وهو السميع البصير(4).

(3) يعني آن مشيته سبحانه وحدها هي التي تعلقت بالأشياء بلا مشيثة غيره (4) في هذه الآية يتجل التنزيه والتشبيه، فليس كمثله شيء تتزيه، وهو السميع البصير تشييه يرجع الى التنزيه وبيانه : ان السمع والبصر من صفات الإنسان، وقد أثبت الله تعالى لذاته سمعا وبصرا، والحكم الحق هنا : اثبات ما أثبته لنفسه دون البث عن كيفيته، والإيمان به كما ورد دون تأويل ولا تفسير على مذهب السلف، فنحن نثبت الوصف الحميد له تعالى، وننفي نه ما يشبهه بخلقه كما في الآية .. أما الخلف فقد اجازوا تأويل هذه الكلمات المتشابهة في مراجهة أهل الالحاد والتجسيم لما تعاظم خطرهم على الفكر الاسلامي - والآية: (لس كمثله شيء وهر اليع البصير) من سورة الشورى : 11.

مخ ۲۸۶