194

============================================================

ومنهم من إذا بلي بالمدحة لم يسر بها، لعلمه بضررها، غير أنه لا يجد في نفسه الكراهة ولا الاغتمام لها، فهو على خير إن شاء الله، وبقي عليه من ومنهم من إذا بلي بالمدحة ساءته، وكرهها في نفسه، وعجز عن الغضب على المادح، فهوعلى خير، ويرجى له الوصول إلى الصدق.

ومنهم من إذا بلي بالمدحة غضب منها ووجد على المادح، فهذا في باب المدحة على سبيل هدي وبقي عليه في باب المذمة بقايا الا وان الناس عند المذمة أصناف : فمنهم من إذا فم غضب على الذام وحقد عليه، والتمس الانتقام منه، فهذا متحير هالك، آويتوب عليه.

ومنهم من إذا بلي بالمذمة يتمغص من مقالة الذام، إظهارا للورع تزينا ورياء، ويلتمس مما قيل فيه المعاذير، وإن نيران المذمة تشتعل في جوفه، يتمنى فضائح الذام وبواره، فهذا قريب من الأول ودونه في الهلاك ومنهم من إذا بلي بالمذمة يتمغص متها، ويتجرع مرارتها، خشية أن يصاب بأكثر منها، وإن بغض المذمة مستوطن في قلبه .

ومنهم من إذا بلى بالمذمة كرهها، ووجد منها، وجاهد نفسه على الصبر عليها، رغبة في الثواب، لا يحقد على من ذمه، غير أنه يستتقل الذام، فهذا في طريق المجاهدة يقع مرارأ ويقوم مرة: ومتهم من إذا بلي بالمذمة سبق إليه الكراهية، فيرجع ويتيقظ ويعلم أنه مستوجبها فيسرى ذلك عنه، غير أن حال الذام في قلبه بخلاف حال من لم يذمه فهذا على خير، وبقي عليه من الصدق بقايا.

ومنهم من إذا بلي بالمذمة لم يكرهها، لكن تواضع وخضع لها، وأجرى الذام له ومن لم يذمه بمنزلة واحدة، فهذا على المحجة يرجى له الوصول إلى الصدق:

مخ ۱۹۴