============================================================
الا وإن أولى الأشياء بأن يبغضه العابد لأنه أضر بعبادته - لا سيما إن لم تزد في رزقه - تلك المدحة، فإن المدحة لا تزيد في الرزق شيئأ، وتضر بالعبادة ما حجة العابد إذا لم يكره المدحة ؟ وقد بلغنا أن رسول اللهقال : " رأس التواضع أن يكره المرء أن يذكر بالبر والتقوى" (1) .
ويحك أيها العابد !1 إن مادحك أحق بالهجران من ذامك، لأن المذمة نات، والمادح عرضك بالمدحة للفتنة، وعرض عبادتك للتلف، وقد نهي رسول الله عنها فقال للمادح : ويجك قطعت ظهره فلو سمعك- يعني الممدوح - ما أفلح الى يوم القيامة(2) فقوله الحق مشفق عليك وعلى عبادتك، فلم يكترث المادح لنهي رسول الله إياه عن المدحة ولم يبال، بل لا افلح أبدا، فهذا أولى بالهجران، إذ عصى (1) رسول الله. وأنت لم تكترث لعطبك .
وأحسبك أيها العابد تبر وتكرم هذا المادح أن تمحق المدحة عبادتك، وعساك لا تفلح مع المدحة أبدا، وأنت غير مكترث، ولا يروعك قول رسول اللهولا تحزن: فأين الصدق؟
ويحك !! أما بلغك أن كعبأ قال : لن تنالوا شرف الآخرة حتى تسقطوا أنفسكم وأعمالكم، وحتى تكرهوا المدحة ولا تبالوا بالمذمة ؟
أيها المغرور العابد : كفى بك جهلا أن تغضب على الذام لك، وباغتيابه (1) صدق رسول الله وقال ابو الحسن البصري : "شرط التواضع أن يخرج الانسان من بيته فلا يرى أحدا إلا رآى له الفضل عليه، وإلا فهو متكبر والكبر ما دخل منه شيء في قلب إنسان إلا نقص من عقله بمقدار ما دخله أو اكثر" ولا شر في الكون إلا وهويمت إلى الكبر بصلة وثيقة ، ومن وعي عرف (2) في الأصل : إذا عصى الله.
مخ ۱۹۱