Wasatiyyah of Ahl al-Sunnah between the Sects
وسطية أهل السنة بين الفرق
خپرندوی
دار الراية للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الأولى ١٤١٥هـ
د چاپ کال
١٩٩٤م
ژانرونه
يخدش ذلك في إيمانه وإسلامه وإن كان ذلك قد يخدش في عدالته ويتسوجب فسقه".
ويعلل فضيلته هذا الاتجاه: "بأن الاعتقاد انفعال قسري وليس فعلًا اختياريًا؛ فإن وجد العقل أمامه ما يحمله على الانفعال واليقين يأمر ما، اصطبغ بذلك اليقين لا محالة دون أن يكون في ذلك أي اختيار، وإن لم يجد أمامه ما يحمله على ذلك الانفعال واليقين لم يجد بدًا من الوقوف عند درجة الربية والظن"١.
وأي فضل لامرء في إيمان أو اعتقاد لا خيار له فيه؛ وإنما وجد نفسه منفعلة به مقسورة عليه، على ماذا يثاب حينئذ؟ وهل كان إيمان الصحابة إلا تسليمًا وتصديقًا بما جاء به الرسول ﷺ -وكذلك إيمان سائر السلف من بعدهم لم يكن قهرًا ولا قسرًا ولا وجدوا أنفسهم مضطرين إليه مقسورين عليه؛ إنما جاءهم كتاب ربهم وبلغتهم سنة نبيهم فآمنوا وسلموا تسليمًا، وقالوا: ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَار﴾ ٢؛ فقبل منهم هذا الإيمان ووعدهم بالإثابة والأجر عليه فقال: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ ٣. ولم يقبل الله ﷿ إيمان فرعون عندما آمن اضطرارًا، ولم يصدق موسى ﵇ إلا بعد أن وجد نفسه مقسورة على اليقين والإيمان منفعلة به؛ فلا ثواب، بل ولا قبول حينئذ. يقول ﷿: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِين
١ المصدر السابق ص ٦٦.
٢ سورة آل عمران آية ١٩٣.
٣ نفس السورة آية ١٩٥.
1 / 115