ورثه د هېریدلي شاهيانو: له منځه تلونکي دینونه په منځني ختیځ کې
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
ژانرونه
سألت الأب يوأنس عما إذا كان الأقباط قد سبق لهم العيش في قرى قبطية بالكامل. أجاب بأنه أمر غير معتاد لأن قلة من المسيحيين في مصر يمارسون الزراعة. ومع ذلك، كانت قريتان يعرفهما قبطيتين بالكامل، ووافق على اصطحابنا إلى إحداهما، وهي دير الجرنوس. كان جورج مرتابا بعض الشيء. وقال إن سكان دير الجرنوس «صعاب المراس». وأضاف: «لا يستطيع أحد أن يسبب لهم أي مشاكل. في الواقع، كل القرى المجاورة تخشاهم. وعندما يحتشدون ويخرجون من قريتهم، يهرب الجميع.» لكن الأب يوأنس كان يعرف كيفية التعامل معهم. وأثناء دخوله بالسيارة إلى القرية، أنزل زجاج النافذة وألقى المجاملات على كل رجل، وامرأة، وطفل رآه: «كيف حالك يا حلوتي؟ كم أنت جميلة!» كان أسلوبه مبالغا فيه؛ وربما أراد أن يتأكد من أن الناس سوف ينظرون إليه ويرون لباسه الكهنوتي والصليب معلقا من مرآة الرؤية الخلفية. فرؤية سيارات تحمل الغرباء لم يكن أمرا مألوفا في هذا المكان.
ولم يكن للدولة وجود داخل البلدة. وفي هذا الشأن، كانت دير الجرنوس المعادل المسيحي لبلدات جنوب مصر المسلمة المسلحة التي لا تجرؤ الشرطة مطلقا على دخولها. ومثلما يمكن لتلك البلدات (وأحيانا ضواح بالقاهرة) أن تفرض قواعدها الخاصة دون إبداء الكثير من الاهتمام بالقاهرة، كذلك كانت دير الجرنوس تبني كنيسة ضخمة تجعل المنازل المتواضعة المحتشدة حولها تبدو أصغر حجما. وعلى سطح الكنيسة، كان رجال يرتدون جلابيب رمادية يبنون قبابا وأبراجا لجعلها تبدو أعلى في الأفق. صعدنا لمقابلتهم، وسألهم الأب يوأنس من أي مدينة هم. قالوا: أسيوط، وهي مدينة على بعد ساعة أخرى أو نحو ذلك جنوبا. قال: «آه، أسيوط. أحسن ناس.» نزلنا إلى الأسفل مرة أخرى وعاينا الكنيسة الحجرية القديمة المجاورة. وسحب أحد القرويين الغطاء الخشبي عن بئر داخل باب الكنيسة وأنزل كوبا معدنيا بحبل في الماء بالأسفل. ودعاني للشرب. قال إنها بئر مقدسة؛ فعندما جاء يسوع إلى مصر وهو طفل، شربت منها أسرته. رفع الكأس لأعلى وارتشفت الماء البارد. •••
في اليوم التالي، جاء جورج معي عندما ذهبت لمقابلة مجموعة كاملة من الكهنة الأقباط، بإذن من الأب يوأنس الذي جاء أيضا. التقينا في قرية ليست بعيدة عن المنيا، في منزل ملحق بكنيسة القرية. كان مضيفنا رجلا ذا لحية سوداء يدعى الأب موسى، وجلس معنا أيضا صديق له يدعى يونس. قال يونس معلقا: «يعامل الجيل الأكبر المسيحيين مثل إخوتهم. فمعظم أصدقائي مسلمون. يأتون إلى أعيادنا ويصلون في الكنيسة. يوجد هنا كاهن يخرج الشياطين؛ وهو يحظى بشعبية كبيرة بين المسلمين وكذلك المسيحيين. ولكن بعد ذلك يأتي السلفيون من الجامعات. إن السلفيين والإخوان المسلمين هم من يسيئون معاملة المسيحيين. يقولون للمسلمين ألا يحيوا المسيحيين في الشارع. والجيل الجديد، أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين الثمانية عشرة والسبعة وعشرين عاما، هم جيل سيئ. كان لديهم معلمون سيئون للغاية. بدأ الأمر مع السادات.» وأضاف أنه ظهر تقليد جديد يقضي بأن يضرب الأولاد المسلمون المسيحيين في اليوم الأخير من الفصل الدراسي. قال يونس: «لا يبدو أن المعلمين يشجعون هذا الأمر، على حد علمنا. فقد اعتاد الجنود على الذهاب إلى المدرسة لمنع ذلك، ولكن لا يمكنهم الوجود في كل مكان. وبعد سقوط الحكومة، لم تعد توجد قواعد على الإطلاق. فهم لا يخافون الجنود، ولا يخافون الحراس، ولا يخافون الله.»
وافق موسى على أن التعليم هو المشكلة. فقد خدم في الجيش، منذ ثلاثة عقود أو نحو ذلك، جنبا إلى جنب مع رجل من شمال مصر. وغالبا ما يذهب المسلمون والمسيحيون إلى المدارس معا، في مدارس حكومية (توجد مدارس يديرها المسيحيون أنشأها مبشرون غربيون في القرن التاسع عشر، لكنها تفوق قدرة الأقباط الأفقر على تحمل تكاليفها؛ فهي تلبي احتياجات الأقباط والمسلمين من الطبقة فوق المتوسطة). ولأن المسيحيين على مر التاريخ كانوا في أغلب الأحوال يعيشون في الجنوب، فإن هذا الرجل الشمالي لم يكن قد التقى أحدا منهم من قبل. وعندما رأى الصليب الذي كان يرتديه موسى، ابتعد عنه في خوف. وسأل موسى: «ما هذا الصليب؟» وأضاف: «لقد تعلمت أنه رمز شيطاني.» وفي استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث بين عامي 2011 و2012، قال اثنان وعشرون بالمائة فقط من المسلمين المصريين إنهم يعرفون أي شيء عن المعتقدات أو الممارسات المسيحية - فالمناهج الدراسية لا تقدم فهما كافيا لأديان أخرى غير الإسلام - ويعتقد ستة وتسعون بالمائة أن المسيحيين سيذهبون إلى النار.
ورغم قصصهم، فإن هذه المجموعة من الأقباط ما زالت تتمتع بحب كبير تجاه بلدها. كانت ابنة موسى البالغة من العمر تسع سنوات جالسة في زاوية من الغرفة، تكتب على ورقة، وعندما نظرت إلى ما كتبته، وجدت أنها كتبت باللغة الإنجليزية، بأقلام مختلفة الألوان، ما يلي: «مصر هي أمي. مصر هي دمي. أحبك يا مصر.» قلت لجورج أثناء رحلة عودتنا إلى المنيا للمرة الأخيرة إنه، مع ذلك، كان الأقباط يرحلون عن مصر. قال جورج: «سيرحل الجميع إذا سنحت لهم الفرصة. والمسلمون أفضل حظا بقليل من المسيحيين لأنهم يستطيعون العمل في المملكة العربية السعودية. والأمن يمثل مشكلة خاصة للمسيحيين، لكنه سيئ على الجميع. فلدي مسكن جيد وعمل جيد، لكنني مستعد أن أتخلى عنهما غدا للذهاب إلى أمريكا والعمل في مطعم، إذا كان هذا سيوفر لابني مستقبلا جيدا آمنا.» الهجرة إلى الغرب هي السبيل المفضل للأقباط للخروج من مصر. يوجد في الولايات المتحدة أكثر من مائتي كنيسة قبطية وما يقدر بثلاثة أرباع مليون قبطي.
في اليوم التالي ركبت القطار البطيء عائدا إلى القاهرة. كان ثمة شيء آخر يجب أن أفعله قبل مغادرة مصر. ركبت مترو المدينة وعدت إلى كنيسة سانت تريزا، بعد أربعة عشر عاما من زيارتي الأخيرة. وصلت أثناء إقامة قداس. كان الأب بولس هناك يتلو القداس، وكان رجلان أعرفهما، أشرف ومجدي، يقومان بدور الشماسين؛ يضربان بالصنوج في أقدس اللحظات، تماما كما كان يفعل أسلافهما لآلاف السنين. لحقت بالثلاثة بعد القداس وهم يتجهون نحو بيت الكاهن. انحنى ظهر الأب بول انحناءة طفيفة، وكسا الشيب شعر أشرف، لكنهم تذكروني. سألت: أين سميح؟ قالوا إنه ذهب إلى أمريكا للدراسة، وانتهى به الأمر بالبقاء هناك. وماذا حدث لماجي؟ تزوجت رجلا فرنسيا وذهبت إلى باريس . وأين وائل؟ كان قد تبع حلمه في أن يصبح عارض أزياء في بيروت. قلت في نفسي إن الأقباط لم يكونوا هم من سيخسر من كل هذا التدفق للمواهب للخارج؛ وإنما كان الخاسر هو مصر.
عدت إلى الكنيسة. كان توجد امرأة ترتدي نقابا إسلاميا أسود، لا يظهر منه سوى عينيها فقط، وانتظرت انتهاء القداس قبل أن تتقدم من مقعدها في الخلف. وأشعلت إحدى الشموع الرفيعة التي كانت موضوعة في صينية من الرمل بجانب عمود، ثم نزلت ببطء على الدرجات التي كانت تؤدي إلى غرفة الدفن الموجودة تحت الأرض. تبعتها لأودع القديسة التي يرقد تمثالها هناك. وبينما كنا نقف أمامه، انحنت المرأة المسلمة ولمست جانب القديسة تريزا.
الفصل السابع
الكلاشا
في صيف عام 2007 كنت في رحلة بالطائرة من إسلام أباد إلى كابول، مما كان يعني الجلوس على حقائبي عدة ساعات في صالة السفر بمطار إسلام أباد. كان من السهل معرفة الأجانب المتجهين إلى كابول؛ فقد كانوا في الغالب أقوياء البنية، مفتولي العضلات، يحملون حقائب ظهر ماركة نورث فيس. لكنني كنت استثناء؛ دبلوماسي يفتقر إلى العضلات المفتولة، متجه لتولي مهمة إدارة الفريق السياسي في السفارة البريطانية لمدة عام. بدا المنظر الطبيعي الذي رأيته من نافذة الطائرة كما لو أنه لم يتغير منذ قرون. «جبال ذات لون بني مثل السعوط»، كما كان قد أطلق عليها رحالة بريطاني، و«تلال يبلغ ارتفاعها عشرة آلاف قدم يتخللها مسار شديد التعرج إلى مسافة ميل.» وبالنظر عن كثب، كان بإمكاني ملاحظة الخيوط الخضراء الرفيعة بين التلال، التي كانت هي الوديان. لم يكن بوسعي رؤية أي مظاهر لوجود بشر على الإطلاق.
ناپیژندل شوی مخ