ورثه د هېریدلي شاهيانو: له منځه تلونکي دینونه په منځني ختیځ کې
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
ژانرونه
مررنا في رحلتنا عبر البلدات والقرى الدرزية المتناثرة على سفوح التلال. كانت المنازل كبيرة، وبعضها ضخم، ومع ذلك لم تستخدم إلا بوصفها منازل صيفية للمهاجرين الدروز الأثرياء. أخبرني حسن أنه من أصل ستة آلاف من سكان قريته، يوجد ما بين عشرين إلى خمسة وعشرين شخصا يمتلك كل منهم أكثر من 100 مليون دولار. وقد جاء جزء كبير من هذه الثروة نتيجة لمشاريع تجارية ناجحة في الخارج، خاصة في غرب أفريقيا. وتحول العديد من قرى الدروز إلى بلدات مهجورة، وربما لا يعمر بالسكان سوى ثلث المنازل فقط فعليا على مدار العام. عندما مررنا بقرية كانت قريبة من قرية حسن، سألت ما إذا كان قد سقط العديد من القتلى خلال سنوات العنف. قال: ثلاثة عشر؛ خمسة عندما قصفت إسرائيل القرية، وقتل الآخرون في نقاط التفتيش عندما تبين من بطاقات هوياتهم أنهم من الدروز. «كانت حربا مروعة.» سألت: متى توقفت؟ قال لي: «لم تتوقف. لا تزال مستمرة.»
يعتبر «قبر» النبي أيوب في جبال الشوف في لبنان موقعا مقدسا للدروز الموجودين بالبلاد، الذين يصل عددهم إلى 250 ألف درزي. ونظرا إلى أنهم يؤمنون بتناسخ الأرواح، فإنهم يعتبرونه ضريحا فارغا. صورة مأخوذة بواسطة المؤلف.
عندما بدأت الحرب الأهلية، شهدت جبال الشوف بعض المعارك الوحشية بين الدروز وجيرانهم المسيحيين، الذين كان قد أتى بهم الحكام الدروز إلى هنا بصفتهم مزارعين مستأجرين في القرن السابع عشر. وفي نهاية المطاف كانت الغلبة للدروز وطردوا المسيحيين من أجزاء من الشوف (رغم أن جنبلاط شجعهم مؤخرا على العودة). وفي مرحلة لاحقة من الحرب، كان الدروز في كثير من الأحيان يقاتلون الميليشيات الشيعية التي يقع معقلها جنوب موقعهم. وبعد انتهاء الحرب الأهلية في عام 1989، عاود التوتر بين الدروز والشيعة الظهور على السطح من حين لآخر. وحدثت أسوأ واقعة في مايو 2008، عندما قصف حزب الله الدروز في الشوف وسيطر على قريتين درزيتين تتمتعان بمواقع استراتيجية. في القتال الذي أعقب ذلك، استأنف الدروز أسلوبا خاصا في قتل أعدائهم - ألا وهو نحر أعناقهم. في وقت لاحق أخبر مستشارون لجنبلاط وأرسلان السفير الأمريكي (في محادثات نشرها أخيرا موقع ويكيليكس) أن الدروز كانوا يعيشون وسط «خضم من الشيعة» ويخشون انتقام الشيعة. كانت أحداث عام 2008 مثالا على الكيفية التي يمكن بها أن يعاود العنف الطائفي الظهور في لبنان دون سابق إنذار، حيث لا توجد سلطة مركزية فعالة يمكنها حل النزاعات؛ فالحكومة اللبنانية نفسها رهينة للتوترات ذاتها. كانت «نحن شعب صغير» لازمة سمعتها كثيرا في تلال الشوف. •••
يوما ما كانت الأمور مختلفة. اقتطع فخر الدين، الإقطاعي الدرزي الأبرز في أوائل القرن السابع عشر، من نطاق هيمنة العثمانيين إقليما كان في الأساس مستقلا، وكانت حدوده قريبة من حدود لبنان الحالية. فخر الدين شخصية ذات أهمية وطنية؛ فهو يمنح لبنان مؤسسا محليا وشرعية تاريخية في مواجهة أولئك الذين يقولون إن البلاد كانت صنيعة القوى الاستعمارية الفرنسية عام 1926. وفي نهاية المطاف، أنهى الجيش التركي العثماني دويلته المستقلة. أخذني حسن إلى قلعة مدمرة على قمة جرف مرتفع على الحافة الجنوبية للشوف. لم يتبق سوى أنقاض صغيرة من قلعة كبيرة كانت موجودة هناك يوما ما، مطلة على السهل الذي بالأسفل. كانت هذه أيضا إحدى قلاع فخر الدين. قال حسن: «حاصر الأتراك هذا المكان، لكن فخر الدين لم يستسلم. وواصل المقاومة. ثم سمم الأتراك الينابيع التي كانت القلعة تحصل منها على كل احتياجاتها من المياه. لكنه حتى حينها رفض الاستسلام. سأخبرك بما فعله. لقد عصب عينيه وعيني حصانه، وقفزا معا من على هذا الجرف حتى لا يقبض عليه.» نظرت للأسفل. لا بد أن السقطة كانت من ارتفاع مائة قدم أو نحو ذلك. عاد حسن إلى المكان الذي كان فيه النبع المسموم. الآن لم يكن يوجد سوى رطوبة فقط تحت الأقدام. لكن هذه الأرض بدت كأنها تمثل له أرضا مقدسة. فهنا سقط بطل درزي عظيم. قال حسن عندما أخبرته بعنوان كتابي: «ممالك منسية؟ لكننا لم ننس».
إن قصة فخر الدين أسطورة ترمز إلى شجاعة الدروز. ففي الحقيقة ألقى الأتراك القبض عليه وأعدموه. وتنافست بعده عائلات أخرى مختلفة لتبرز بين الدروز. ويعيش فائزو اليوم، آل جنبلاط، في قلعة في بلدة المختارة منذ القرن الثامن عشر. وفي عام 1853، زار القلعة اللورد النبيل الإنجليزي كارنارفون (الذي مول ابنه فيما بعد بعثة توت عنخ آمون). كان البريطانيون قد اكتشفوا في أربعينيات القرن التاسع عشر أن الدروز كانوا أقلية في حاجة إلى راع، وقرروا لعب هذا الدور. أراد كارنارفون، الذي كان في طريقه لأن يصبح أحد كبار رجال الدولة البريطانيين، التعرف على أحدث حلفاء أمته. كان منزل كارنارفون الفخم في إنجلترا في ذاته مهيبا إلى حد ما؛ ففي السنوات الأخيرة ظهر المنزل في المسلسل التلفزيوني «دير داونتون» (داونتون آبي) باعتباره الدير ذاته. ومع ذلك، يبدو أنه أعجب كثيرا بالمختارة، التي وصفها في كتاب نشر بعد ذلك بسنوات قليلة. وتمثل أفضل مشهد في سرد لمبارزة على طراز العصور الوسطى أقيمت في فناء القلعة: «فرسان «الميدان» بألوانهم المبهجة، و«الغلمان» يقفون بجانب الخيول ويناولون الفرسان الرماح الجديدة، وصيحات الاستحسان التي تحيي كل ضربة موفقة، والسيدات يقفن في الشرفات ... الحشد المسلح والمتغطرس ... الأبراج المربعة التي ترتفع من منحنيات الجدار الطويلة على كل جانب.»
كان كارنارفون على يقين من أنه قد زار أثرا من بقايا العصور الوسطى التي لن تدوم طويلا. حتى وهو يتذكر كرنفال المختارة، فإنه يكتب بأسلوب رثائي عن «الاستقلال الإقطاعي الرائع لطائفة لدروز ... التي ربما يكون محكوما عليها الآن بالانقراض في الجبال في سوريا.» لقد صمد الدروز وخالفوا ذلك التوقع، ويرجع ذلك جزئيا إلى دعم كارنارفون وآخرين. وفي ستينيات القرن التاسع عشر، كتبت المجتمعات الدرزية في عريضة جماعية إلى البريطانيين: «نحن الدروز ليس لدينا، بعد الله، حام آخر غير الحكومة البريطانية.» حتى إنه انتشر اعتقاد بين الدروز بأنهم كانوا بريطانيين من حيث الأصل، أو على الأقل أنهم يتشاركون مع البريطانيين في سلف مشترك. وصدق بعض الدروز هذا الأمر حتى أوائل القرن العشرين، ويبدو أن القادة الدروز ما زالوا يطلبون أحيانا المساعدة من البريطانيين. وعندما التقيت لاحقا بأحد كبار شيوخ الدروز، أبو محمد جواد، بينما كان مستلقيا على فراش الموت في كوخ بسيط - حيث وضعت حلويات منزلية الصنع على عربة جاهزة لتقديمها للضيوف - كان الشيء الوحيد الذي لديه القوة ليقوله إشارة إلى هذا التحالف القديم والغريب.
ربما بدا مفاجئا أن تتبنى دولة مسيحية سياسة مؤيدة للدروز؛ لأن أحد أعداء الدروز الرئيسيين في ذلك الوقت كانوا المسيحيين الموارنة. لكن في نظر البريطانيين، كانت مسيحية الموارنة أقل أهمية بكثير من حقيقة أن الفرنسيين كانوا يدعمونهم. ومع ذلك كان ثمة سبب آخر لتفضيل البريطانيين للدروز ، وهو اكتشاف رائع لأصحاب نظريات المؤامرة. فمن بين جميع النظريات المتفائلة حول أصول الدروز - بالإضافة إلى نسبهم المزعوم من أصل بريطاني، قيل إنهم ينحدرون من سلالة كونت فرنسي يدعى درو، أو إنهم، وفقا للثيوصوفية الروسية مدام بلافاتسكي، من سلالة لاما التبت - كان الاقتراح الأكثر إثارة للاهتمام موجودا في مجلد في أعماق مكتبة لندن، يعود تاريخه إلى عام 1891. يحتوي الكتاب على سجلات محفل ماسوني يسمى كواتور كوروناتي. ويناقش مقالها الأول، بقلم حضرة القس هاسكيت سميث، «أنه، حتى يومنا هذا، يحتفظ الدروز بالعديد من الدلالات الواضحة على علاقتهم الوثيقة والحميمة بالصنعة الماسونية القديمة.»
رسم فنان الحرب البريطاني أنتوني جروس هذا التصور للقادة الدينيين الدروز (الجالسين في الدائرة، في المنتصف) برفقة أعضاء فوج الفرسان الدروز البريطانيين في عام 1942، أثناء الحرب العالمية الثانية. كان بين الدروز والبريطانيين صداقة تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، على الرغم من حقيقة أن هذا الفوج الدرزي كان قد نشره الفرنسيون الفيشيون في مواجهة البريطانيين قبل إقناعهم بالانضمام للجانب البريطاني. الصورة مهداة من أنتوني جروس/متحف الحرب الإمبراطوري.
فقد اعتقد الماسونيون أنهم تابعوا تقاليد البنائين الذين أقاموا هيكل سليمان. وارتأى الأخ هاسكيت أن الدروز كانوا الأصليين - أي الأحفاد الفعليين للبنائين - وكان مصرا على إثبات ذلك. وأمضى أسابيع عدة في لبنان، يعيش بين الدروز ليجري اختبارا بسيطا. فالماسونيون يعتقدون أن الكلمات المشفرة التي يستخدمونها متوارثة جيلا بعد جيل من بناة الهيكل؛ ومن ثم افترض الأخ هاسكيت أنه لا بد أن الدروز يعرفون الكلمات ذاتها. ولكن نظرا إلى أنه واجه صعوبة كبيرة في اختراق سريتهم - كما روى بتحسر، في كل مرة كان يسألهم عن معتقداتهم، «يتبدل الموضوع بأكمله ببراعة» - أدرك أنه سيتعين عليه التغلب على هذه السرية بالحيلة.
ويستحضر لنا، ربما بصدق، صورة غريبة على نحو مذهل، قائلا: «لقد بذلت محاولات كثيرة لجذب انتباه الدروز بكلمات، تهمس بغموض، كأنها حديث جانبي مسرحي درامي، أو تلفظ بجدية، أو تنطق عرضا عندما يكون الدروز أقل حذرا.» جعلني هذا أتخيل رجل دين إنجليزيا باحثا يرتدي زي الكهنة، يحاول مفاجأة المزارعين الدروز الأشداء والمسنين بالظهور من ورائهم والصراخ بكلمات بالعبرية القديمة. ولو كان الدروز على دراية بالكلمات، فإنهم مع ذلك حافظوا على رباطة جأشهم؛ لأن الأخ هاسكيت لم يجد إثباتا لنظريته. وبالرغم من ذلك فقد قدمها إلى زملائه الماسونيين، كما يظهر سجل عام 1891؛ مشيرا في السياق ذاته إلى تشككهم في النظرية. وادعى واحد من المستمعين إلى الأخ هاسكيت، مستاء من اعتبار حركته مجرد فرع وأن يقدم مجتمع شرق أوسطي على أنه المجتمع الأصلي، أن الدروز لا بد أنهم ببساطة استعاروا عاداتهم من الماسونيين. (في الواقع، زعم المؤرخ فيليب حتي أن فرسان الهيكل، الذين حاول الماسونيون محاكاتهم، ربما يكونون قد تأثروا بالدروز في «التنظيم والتعليم». فمفهوم الراهب المحارب المتقشف الناكر للذات هو أحد المفاهيم المشتركة بين فرسان الهيكل والدروز، على الرغم من عدم وجود الكثير من الأدلة على الأفكار الفلسفية المشتركة بينهم.)
ناپیژندل شوی مخ