ورثه د هېریدلي شاهيانو: له منځه تلونکي دینونه په منځني ختیځ کې
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
ژانرونه
الإله ميثرا، يظهر وهو يقتل ثورا؛ كما يظهر ثعبان، وكلب، وعقرب، والتي تظهر جميعها بطرق مختلفة في بعض ديانات الشرق الأوسط المعاصرة. من كنيسة سرية تحت الأرض في سانتا ماريا كابوا فيتيري، بإيطاليا، يعود تاريخها إلى القرن الثاني أو الثالث الميلادي. صورة رقمية مهداة من برنامج المحتوى المفتوح الخاص بمتحف جيتي. •••
طوال الطريق إلى حران، على طريق تمتد الصحراء على جانبيه، كان محمود يدخن دون انقطاع سيجارة تلو أخرى. عندما وصلنا إلى المدينة المدمرة، ثبت أنها مكان مميز. تتكون المستوطنة الحديثة، التي بناها مهاجرون عرب أتوا من العراق قبل بضعة قرون، من مجموعة من الأكواخ على شكل خلايا نحل، أسقفها المخروطية ملطخة بالدخان، تتجمع حول قلعة حجرية مدمرة. كانت الحجارة الباهتة المتناثرة عبر التلال القريبة من بقايا مسجد من العصور الوسطى. ومع ذلك فإنه، منذ آلاف السنين، عندما كانت حران واحدة من أكبر وأشهر المستوطنات في المنطقة، كانت الأحجار الباهتة نفسها جزءا من معبد مكرس لإله القمر سين. وكان الملك البابلي نابونيد، الذي أعاد بناء المعبد في القرن السادس قبل الميلاد، فخورا بشكل خاص بلون الحجارة وأعلن أنه جعل حران «متلألئة مثل ضوء القمر». وكشف النقاب عن نقشه الذي عمره 2500 سنة في خمسينيات القرن الماضي، عندما قلب عالم آثار واحدة من درجات المسجد المدمر ووجد أن بناة المسجد أعادوا استخدام أحجار نابونيد بدلا من استخراج أحجار جديدة.
بعد مدة طويلة من تحول الإمبراطورية الرومانية إلى المسيحية، وحتى بعدما أصبحت مدينتهم جزءا من الإمبراطورية العربية الإسلامية، استمر الحرانيون بعناد في عبادة الكواكب السبعة (وفاء للتراث البابلي، اعتبروا الشمس والقمر من الكواكب، وكانوا يعرفون عطارد، والزهرة، والمريخ، والمشتري، وزحل) وخصصوا لكل واحد منهم يوما مقدسا. اقترنت عاداتهم القديمة بفلسفة متطورة ومعرفة علمية. فعلى سبيل المثال، رتبت معابد الكواكب وفقا لبعد الكواكب عن الأرض. وسوغت عبادة تلك الكواكب من خلال نظام لاهوتي مفصل. واتفق الحرانيون مع الفلاسفة اليونانيين الذين كانوا قد توصلوا إلى أنه يوجد إله أعلى هو التفسير النهائي لسبب وجود الكون، ولكنه يفوق إدراك العقل البشري. وبما أن الرب كان حرفيا يفوق الوصف، فإن البشر العاديين لا يمكنهم إلا أن يأملوا في رؤية الإسقاطات الإلهية في الكون المادي وتمجيدها.
وعلى حد تعبير عالم الدين المسلم الشهرستاني، الذي عاش في القرن الحادي عشر، في محاولة منه لشرح معتقدات الحرانيين، فإن الرب «يتكثر بالأشخاص في رأي العين. وهي المدبرات السبعة والأشخاص الأرضية الخيرة، العاملة، الفاضلة. فإنه يظهر بها، ويتشخص بأشخاصها، ولا تبطل وحدته في ذاته... وقالوا: هو أبدع الفلك وجميع ما فيه من الأجرام والكواكب، وجعلها مدبرات هذا العالم.» وهكذا تستمر الممارسات الدينية البابلية والآشورية بأيديولوجية جديدة تدعمها، ألا وهي: مشروعية أن تعبد الكواكب بوصفها إسقاطات إلهية. وكما يستطرد الكاتب في شرحه، ينطبق الأمر مع بعض الأشخاص: فيمكن أن يحدث «تنزل لجوهر الله» إلى كائن بشري، «أو تنزل لجزء من جوهره، وهو ما يحدث وفقا لدرجة استعداد الشخص». وعندما يتنزل هذا الجوهر في أكمل صوره، فقد يحول شخصا إلى نوع من الإسقاط الإلهي على الأرض. سجل الشهرستاني أن الحرانيين كانوا يؤمنون بتناسخ الأرواح، وهو ما يعني أن هذه الإسقاطات الإلهية قد تموت ثم تولد من جديد، وتعود إلى الأرض في عصور متتالية.
كانت الجيوش الإسلامية التي استولت على المدينة من البيزنطيين سنة 638 ميلادية غير متأكدة مما يجب أن تفعله مع الحرانيين. فوفقا للقرآن، فإن «أهل الكتاب» - ومن بينهم المسيحيون، واليهود، ومن يطلق عليهم اسم «الصابئة» - يستحقون تسامحا خاصا. ومن ناحية أخرى، كان يعتقد عموما أن المشركين يستحقون الموت إذا لم يهتدوا. ولم يكن واضحا إلى أي من هذه الفئات ينتمي الحرانيون. لذلك عندما واجه العرب معبدا لإله القمر، أراد بعضهم - وخاصة أولئك الذين كانوا يهودا أو مسيحيين قبل اعتناق الإسلام - تدميره على الفور. ومع ذلك، كان لمجموعة أخرى من العرب أقارب يمارسون شيئا مشابها لديانة الحرانيين. ودافعت هذه المجموعة عن حق الحرانيين في ممارسة عبادتهم كما كانوا يفعلون من قبل. وكانت الغلبة لوجهة نظرهم، وبقي المعبد مائتي عام أخرى.
في نهاية ذلك الوقت تصادف أن مر الخليفة نفسه عبر حران. أصاب الذعر الناس. فقد يدينهم الخليفة بأنهم وثنيون، ويجردهم من حقوقهم الشرعية أو حتى يحكم عليهم بالموت. ثم اكتشفوا الإشارة إلى «الصابئة» في القرآن وتمسكوا بها: أعلنوا أنهم الصابئة، وبذلك ربحوا ثلاثمائة عام أخرى من السلام. (لم يشر أحد سوى البيروني حاد الملاحظة إلى أن المندائيين في أهوار جنوب العراق هم الصابئة الحقيقيون.) كان الحرانيون أيضا محميين بمعرفتهم بالعلوم اليونانية، مما جعلهم مفيدين لحكامهم المسلمين. فقد وظف حراني يدعى ثابت بن قرة في «بيت الحكمة» اللامع في بغداد، وهي مؤسسة أسسها الخلفاء المسلمون لتكون مستودعا للمعرفة العلمية في العالم. فحسب طول السنة في غضون ثانيتين وأثبت أن لنظرية فيثاغورس للمثلثات تطبيقا أوسع مما أثبت سابقا. وقدم دفاعا بليغا عن ثقافته قائلا: «من الذي استوطن العالم المسكون وعمر المدن، إن لم يكن رجال الوثنية وملوكهم البارزين؟ فلولا مواهب الوثنية، لكانت الأرض فارغة وفقيرة، محاطة بكفن عظيم من العوز.»
لم ينفد حظ حران إلا في القرن الحادي عشر وهدمت مجموعة من الغوغاء المزار المقدس، وبعثروا أحجاره، «المتلألئة مثل ضوء القمر»، على سفح التل. وبعد مائة عام دمر المغول المدينة وأبادوا شعبها، ومحوا ألفي عام من التاريخ. لكن لا يزال يمكن العثور على أفكار الحرانيين في قطاع ضيق جنوب المدينة المدمرة، يمتد من مقاطعة أذربيجان الإيرانية الجبلية غربا إلى البحر الأبيض المتوسط. فعلى الساحل السوري، على سبيل المثال، مارست جماعة من العلويين قرونا عديدة شكلا غير اعتيادي من الإسلام يتخلله عادات وأفكار كان الحرانيون يعترفون بها. وعلى الرغم من كون العلويين شيعة أصلا، فإن القواسم المشتركة بينهم وبين الشيعة التقليديين تضاهي في قلتها تلك التي بين الموحدين والبروتستانت الإنجيليين. تبع العلويون أحد عشر إماما من أصل اثني عشر إماما قادوا الشيعة في القرنين الأولين للإسلام. ثم تطورت أفكارهم في اتجاه متطرف للغاية.
في عام 2012 شرعت في إجراء مقابلة مع شيخ علوي في شمال لبنان، على أمل أن يتحدث معي عن دينه. كانت توقعاتي منخفضة. فحتى قومه لا يحق لهم معرفة الأسرار التي يحملها، وكنت شخصا غريبا يمثل جنسيتين غير مرغوب فيهما (بريطاني وأمريكي) في آن واحد. وقت زيارتي، كان العلويون مثار جدل بشكل خاص؛ لأن الحكومة السورية ورئيسها العلوي، بشار الأسد، كانا متورطين في عمليات قمع وحشي وقتل جماعي. لذلك لم أكن متأكدا من مدى سهولة الوصول إليهم، ناهيك عن جعلهم يتحدثون. لكنني، مسلحا بهاتف محمول رخيص، وبعض أرقام الهواتف، وسائق سيارة أجرة أشيب من الضواحي الجنوبية لبيروت، وسيارة شهدت أياما أفضل، كنت سأحاول.
تقع مدينة طرابلس المسلمة السنية في شمال لبنان، وفي إحدى ضواحيها (كانت في الأصل قرية على التل ابتلعتها المدينة حاليا) يعيش العلويون. كان الأمر واضحا عندما دخلت هذه الضاحية؛ كانت صور ضخمة لبشار الأسد معلقة على كل عمود إنارة. كنت قد رتبت للاجتماع من خلال زعيم محلي اتهم بتنظيم الميليشيا التي قادت العلويين المحليين في معارك ضد جيرانهم المسلمين السنة. استجوب الرجال الواقفون في الشارع سائق سيارة الأجرة الذي أحضرني ولم يقتنعوا إلا عندما اكتشفوا أنه شيعي. فهذا جعله في نظرهم حليفا؛ وهو أمر نادر.
بعد تفتيش جسدي كامل للتأكد من أنه لم يكن معي أي أسلحة مخفية، أرشدوني إلى مكتب شيخ علوي كان رأسه مغطى بعمامة حمراء وبيضاء. أكد لي قائلا: «لا يوجد لدينا في معتقداتنا أي شيء مخفي. ثمة بضعة أمور خاصة، وهذا كل ما في الأمر؛ مثل عادات الأجداد وما شابه ذلك.» اشتملت هذه العادات على تحريم أكل لحوم الإبل والأرانب، ولحم أي حيوان من جنس مختلف عن جنس الشخص؛ أي إن النساء كن يأكلن لحوم إناث الحيوانات، والرجال يأكلون لحوم ذكور الحيوانات. هل أعطوا أهمية متسمة بالتقديس بساتين الأشجار، كما لمح لي السفير البريطاني؟ لا. هل اعتبروا عليا إلها؟ لا، فقط اعتبروه صاحب شريعة وخليفة للنبي. أما عن سوريا، فحسب زعمه، أن ما كان يجري هناك هو من فعل إرهابيين يعملون في خدمة إسرائيل. أثناء مغادرتي، كان الشيخ على استعداد لمشاركة ملاحظة أخيرة حول دينه. فقال متكلفا الابتسام: «لا يوجد علويون في الجحيم. الإرهابيون فقط في الجحيم، ويعانون من العذاب.»
ناپیژندل شوی مخ