وقيل معناه أنه لا يلتفت إليه، قال أرطاة بن سهية: فمن مبلغ أبناء مرة أننا * وجدنا بنى البرصاء من ولد الظهر (*) عليك، وإنما أنا رجل من أهل الشام، أرضى ما رضوا، وأكره ما كرهوا.
فقال شرحبيل: أخرج فانظر.
فخرج فلقيه هؤلاء النفر الموطؤون له، فكلهم يخبره بأن عليا قتل عثمان بن عفان.
فخرج مغضبا إلى معاوية فقال: يا معاوية، أبى الناس إلا أن عليا قتل عثمان، ووالله لئن بايعت له لنخرجنك من الشام أو لنقتلنك.
قال معاوية: ما كنت لأخالف عليكم، وما أنا إلا رجل من أهل الشام.
قال: فرد هذا الرجل إلى صاحبه إذا.
قال: فعرف معاوية أن شرحبيل قد نفذت بصيرته في حرب أهل العراق، وأن الشام كله مع شرحبيل (1).
فخرج شرحبيل فأتى حصين بن نمير فقال: ابعث إلى جرير [ فليأتنا ].
فبعث إليه حصين: أن زرنا، فإن عندنا شرحبيل بن السمط.
فاجتمعا عنده، فتكلم شرحبيل فقال: يا جرير، أتيتنا بأمر ملفف (2) لنلقينا في لهوات الأسد، وأردت أن تخلط الشام بالعراق، وأطرأت عليا (3) وهو قاتل عثمان، والله سائلك
عما قلت يوم القيامة.
فأقبل عليه جرير فقال: يا شرحبيل، أما قولك إنى جئت بأمر ملفف فكيف يكون أمرا ملففا (4) وقد اجتمع عليه المهاجرون والأنصار، وقوتل على رده طلحة والزبير.
وأما قولك إنى ألقيتك في لهوات الأسد ففى لهواتها ألقيت نفسك.
وأما خلط العراق بالشام فخلطهما على حق خير من فرقتهما على باطل.
وأما قولك إن عليا قتل عثمان فوالله ما في يديك من ذلك إلا القذف
__________
(1) إلى هنا ينتهى اقتباس ح في (1: 140) وينتقل إلى (1: 249).
(2) في اللسان: " اللفف: ما لففوا من ها هنا وها هنا، كما يلفف الرجل شهادة الزور ".
وفي اللسان أيضا: " أحاديث ملففة: أي أكاذيب مزخرفة ".
ح: " ملفق " بالقاف في آخره، وهما وجهان صالحان كما رأيت.
(3) قال ابن منظور: " أطرأ القوم: مدحهم، نادرة، والأعرف بالياء "، ح: " أطريت " بالياء.
(4) ح: " ملفقا " بقاف بعد الفاء، وانظر الحاشية الثانية من هذه الصفحة.
مخ ۴۷