أسير بدار الظلم أعياه آسره
أما من فتى في الناس حر يناصره
أفي الناس أحرار وفيهم أحبة
فما لأخيهم لا يرى من يؤازره
وفيها يستثير الهمم لنصرة الزهاوي قائلا: «إن ينزل بالزهاوي نازل من الظلم فتلك سبيل أبناؤكم سالكوها غدا، فإلا يحزنكم مصرعه، فإن في مصارع أبنائكم ما يستدر جامدات العبرات، إيه لكم، قطعت الشعوب أشواطا في منازل الحياة، ونحن إلى الوراء راجعون، لا تكونوا واسطة السوء بين الأسلاف والأخلاف، أما لتقذفن لكم الأرحام بأضاحي كالتي شهدتم تلبسون ليومها السواد، ويطول عليها أنينكم تحت طيات الدياجير.»
وهو في المقال الثاني عن «الأحرار وأعداؤهم» يهاجم رجال الدين هجوما عنيفا، فيقول: «الآكل من كسب غيره وهو قاعد لا يحمل نفسه عناء السعي لرزقه، وإذا علمت الأمة حقائق الأشياء، وبصرت بضلالات أهل التعصب، قبضت عنهم جدواها ومنعتهم ورد جودها، والقوم يعلمون ذلك ولا يدانيهم فيه ريب، فمن أي الطرق يأتي نحوهم الإنصاف، لو جمعنا العمائم التي بالبلاد العثمانية، وجعلنا بعضها فوق بعض بنينا حصنا يعجز عن هدمه أسطول إنجلترا بأسره، ما في هذه الجوازات ما يرجى منه أقل الفوائد إلا آحاد لا يصعب تسميتها، وما بقي من ذلك الجمع العديد فأنصار للاستبداد سواء عليهم حق وباطل، لا يعجبهم من الحياة الدنيا إلا الجفان، أو ما يكون ثمنا للجفان.
أروني واحدا من هؤلاء المبردين يكون جاد بدرهم واحد في خير يريده، ثم إذا التفت عليهم المحافل ألفينا كل عثنون كحديدة الفأس، يضطرب غضبا لرأي رآه أحد العقلاء، فكم من عنفقة كذنب السمكة تهتز على أثرها وتغضب لغضبها، ما أشقانا بهذه المخلوقات!»
وهو يناصر قضية المرأة بشعره ونثره، فيقول في «الصحائف السود ص9»: «قالوا: إن تعليم البنات مهيع إلى إفسادهن، وما في القائلين بذلك من تعلمت أمه وعرف فسادها.» بل ويكتب في نفس «الصحائف السود» مقالا خاصا عن المرأة يقص فيه مصارع ثلاث نسوة، إحداهن قتلها الاستبداد، والثانية أرداها الجهل، والثالثة أودى بها الحجاب.
أما الأولى فقد اشتراها باشا يقيم في إحدى قرى ولاية سيواس، ولكنها كانت تنفر منه ولا تلبي رغباته، بل واحتالت فأنفذت لأبيها كتابا تشكو فيه الحياة، وتعبر عما تجد من اشتياق إلى أهلها، وعلم بذلك الباشا فقتلها.
وأما التي أرداها الجهل ففتاة تلقت الدراسة في إحدى مدارس الراهبات ببيروت، ثم زوجها أبوها رغم أنفها من مجهول، لم يلبث أن شق بطنها إذ رأى في يدها صورة رجل مكشوف الرأس عليه ثياب قواد الجنود وفي يده قبعة، ولم تكن هذه الصورة إلا صورة واشنطون الشهير محيي مجد أمريكا!
ناپیژندل شوی مخ