99
﴿ومَثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتًا﴾ أَيْ: يقينًا وتصديقًا ﴿من أنفسهم﴾ بالثَّواب لا كالمنافق الذي لا يؤمن بالثَّواب ﴿كمثل جنة بربوةٍ﴾ وهي ما ارتفع من الأرض وهي أكثر ريعًا من المستفل ﴿أصابها وابلٌ﴾ وهو أشدُّ المطر ﴿فآتت﴾ أعطت ﴿أكلها﴾ ما يؤكل منها ﴿ضِعْفَيْن﴾ أَيْ: حملت في سنة من الرَّيع ما يحمل غيرها في سنتين ﴿فإن لم يصبها وابلٌ﴾ وهو أشدُّ المطر وأصابها طلٌّ وهو المطر الضعيف فتلك حالها في البركة يقول: كما أنَّ هذه الجنَّة تُثمر في كلِّ حالٍ ولا يخيب صاحبها قلَّ المطر أو كَثُر كذلك يضعف الله ثواب صدقة المؤمن قلَّت نفقته أم كثرت ثمَّ قرَّر مَثَل المُرائي في النَّفقة والمُفرِّط في الطَّاعة إلى أَنْ يموت بقوله:
﴿أيود أحدكم﴾ يقول: مثلُهم كمثل رجلٍ كانت له جنَّةٌ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴿وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ﴾ فضعف عن الكسب وله أطفال لا يجدون عليه ولا ينفعونه ﴿فأصابها إعصار﴾ وهي ريحٌ شديدةٌ ﴿فيه نارٌ فاحترقت﴾ ففقدها أحوج ما كان إليها عند كبر السِّنِّ وكثرة العيال وطفولة الولد فبقي هو وأولاده عجزةً مُتحيِّرين ﴿لا يقدرون على﴾ حيلةٍ كذلك يُبطل الله عمل المنافق والمرائي حتى لا توبة لهما ولا إقالة من ذنوبهما ﴿كذلك يبين الله﴾ كمثل بيان هذه الأقاصيص ﴿يبين الله لكم الآيات﴾ في أمر توحيده

1 / 188