كان القطار سكوتش إكسبريس الكبير يقف على الرصيف مستعدا لرحلته الطويلة. وربت المحقق على كتف أحد الحراس. «أعتقد أنك سمعت بما يسمى بلغز بيجرام، أليس كذلك؟» «بكل تأكيد يا سيدي. لقد وقعت الحادثة على متن هذا القطار نفسه.» «أحقا؟ وهل لا تزال العربة التي وقعت بها الحادثة موصولة بالقطار؟»
فأجابه الحارس وهو يخفض صوته: «أجل يا سيدي لا تزال. لكن، يا سيدي، علينا بالطبع أن نتكتم على ذلك. وإلا فلن يسافر الناس فيها يا سيدي.» «لا شك في ذلك. هل تعرف إن كان هناك من يشغل العربة التي عثر فيها على الجثة؟» «رجل وسيدة يا سيدي، لقد أوصلتهم إليها بنفسي يا سيدي.»
قال المحقق وهو يدس نصف جنيه ذهبي في يد الحارس: «هلا صنعت لي معروفا آخر بأن تذهب إلى نافذة تلك العربة وتخبر الرجل والمرأة بطريقة عفوية عابرة أن الحادثة وقعت في تلك العربة؟» «بكل تأكيد يا سيدي.»
تبعنا الحارس، وفي اللحظة التي نقل إليهما الأخبار أتت صرخة مكتومة من العربة. وفي الحال خرجت سيدة منها، وتبعها رجل متورد الوجه وقد عبس هذا في وجه الحارس. ثم دخلنا العربة التي أصبحت الآن شاغرة، وقال كومبس: «نود أن نكون بمفردنا حتى نصل إلى بروستر.»
فأجابه الحارس: «سأتولى أمر هذا يا سيدي.» ثم أوصد الباب خلفه.
وحين غادر الحارس، سألت صديقي عما يتوقع أن يجده في العربة وقد يكشف بأي حال عن ملابسات القضية.
فرد باقتضاب: «لا شيء.» «إذن لماذا أتيت؟» «لكي أتأكد فقط من الاستنتاجات التي توصلت إليها بالفعل.» «وهل لي أن أسألك عن تلك الاستنتاجات؟»
فأجاب المحقق وفي صوته شيء من فتور وتراخ: «بكل تأكيد، أعرني انتباهك. أولا: فيما يخص حقيقة أن هذا القطار يقف بين رصيفين، ويمكن أن يدخله المرء من أي من جانبيه. وأي رجل يعرف هذه المحطة على مدى سنوات سيكون مدركا لهذا الأمر. وهذا يوضح كيف دخل السيد كيبسون القطار قبل أن يغادر المحطة مباشرة.»
فحاولت إبداء اعتراضي قائلا: «لكن الباب موصد من هذا الجانب.» «بالطبع، لكن كل من يحمل تذكرة موسمية يحمل معه مفتاحا. وهذا يفسر عدم رؤية الحارس له، ويفسر كذلك عدم وجود التذكرة. والآن سأذكر لك بعض المعلومات عن الإنفلونزا. ترتفع درجة حرارة المريض بضع درجات عن معدلها الطبيعي؛ ومن ثم يصاب بحمى. وحين يشتد المرض عليه، تنخفض درجة الحرارة عن معدلها الطبيعي بمقدار ثلاثة أرباع الدرجة. أتصور أن هذه الحقائق لا تخفى عليك لأنك طبيب.»
فأقررت بذلك. «حسنا، وهذا الانخفاض في درجة حرارة الجسم يجعل عقل المريض يتجه إلى التفكير في الانتحار. وهذا هو الوقت الذي ينبغي لأصدقاء المرء أن يتولوا رعايته فيه. ولكن أصدقاء السيد كيبسون لم يقوموا على رعايته عندما حان الوقت لذلك. أنت تذكر يوم الحادي والعشرين من الشهر بالطبع، أليس كذلك؟ كان اليوم مثيرا للاكتئاب بدرجة كبيرة. كان الضباب يلف كل الأرجاء وكان الطين يملأ الشوارع. جيد جدا. وهنا يقرر الرجل الانتحار. وتتملكه الرغبة في ألا يتمكن أحد من الاستدلال على هويته، إن أمكن، لكنه ينسى تذكرته الموسمية. وبحكم خبرتي فإن المرء حين يكون على وشك ارتكاب جريمة ما فإنه دائما ما ينسى شيئا.» «لكن كيف تفسر اختفاء المال؟» «ليس للمال أي علاقة بهذا الأمر. إذا كان الرجل حصيفا وعلى دراية جيدة بغباء سكوتلاند يارد، فمن المرجح أنه أرسل المال إلى عدو له. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فربما يكون قد أعطى المال إلى صديق له. ولا شيء أبلغ دليلا على أن الرجل كان يعتزم تهيئة العقل لعملية تدمير ذاتي من مشهد رحلة ليلية على متن القطار سكوتش إكسبريس، كما أن المنظر من نافذة القطار وهو يعبر الأجزاء الشمالية للندن يبعث بوضوح على الأفكار الانتحارية.» «وماذا عن السلاح المستخدم؟» «تلك هي النقطة التي أريد أن أحسم الشك حيالها. أستميحك عذرا للحظة.»
ناپیژندل شوی مخ