د مسیح بل څېره: د عیسی له یهودیت سره دریځ – د غنوصیت پیل
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
ژانرونه
هذه المعرفة هي التي تضمن الحياة الأبدية: «من يؤمن بالابن فله الحياة الأبدية، ومن لم يؤمن بالابن لا يرى الحياة الأبدية» (3: 36). فهو ماء الحياة: «من يشرب من هذا الماء فلا بد له أن يظمأ، وأما من يشرب من الماء الذي أعطيه إياه فلن يظمأ أبدا» (4: 13). «من كان عطشان فليأتني، ومن آمن بي فليشرب» (7: 38). وهو خبز الحياة، قال لليهود: «آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا، هو ذا الخبز النازل من السماء ليأكل منه الإنسان فلا يموت، أنا الخبز الحي الذي نزل من السماء» (6: 49-51).
وفي الحقيقة فإن هذه الأقوال وغيرها مما سنورده لاحقا من إنجيل يوحنا تشف عن طابع غنوصي لا يخفى، كما سيتضح لنا في سياق الفصل القادم، الذي سنقدم من خلاله الخطوط العامة للفكر المسيحي الغنوصي اعتمادا على نصوصه الأصلية، وعلى الرغم من أن إنجيل يوحنا ليس إنجيلا غنوصيا بالمعنى الدقيق للكلمة، إلا أنه يشكل في حقيقة الأمر صلة وصل بين الأناجيل الأربعة والأناجيل الغنوصية.
الفصل الثاني
الغنوصية ونشأة المسيحية
إن المسيحية السائدة اليوم، على اختلاف طوائفها، ترجع في أصولها إلى صيغة من المسيحية اتخذت ملامحها العامة في نهاية القرن الثاني الميلادي، عندما تبنت كنيسة روما الأناجيل الأربعة المعروفة، إضافة إلى رسائل بولس التي كانت متداولة بشكل مكتوب قبل تدوين الأناجيل الأربعة بوقت طويل، وفي نهاية القرن الرابع الميلادي تم اعتماد الكاتالوج الأخير لأسفار العهد الجديد الذي نعرفه الآن، والذي يتضمن الأناجيل الأربعة، ورسائل بولس، وأعمال الرسل، ورسالة يعقوب، ورسالتين لبطرس، وثلاث رسائل ليوحنا، ورسالة ليهوذا، ورؤيا ليوحنا، وعددها جميعا سبعة وعشرون سفرا.
ولقد انتقت الكنيسة الرسمية، التي أطلقت على نفسها اسم الكنيسة الأرثوذكسية (أي القويمة الإيمان) هذه الأسفار من بين عشرات الأسفار المقدسة التي كانت متداولة بين المسيحيين، وأسبغت عليها صفة القداسة، ووصمت بقية الأسفار بالزيف ودعتها بالأسفار المنحولة، وحرمت بعضها ودعت أولئك الذين يتداولونها بالهراطقة، أي المنحرفين عن الإيمان القويم.
وهذا يعني أن الأيديولوجيا المسيحية الرسمية لم تتشكل إلا عبر صراع طويل بين مجموعة من الفرق التي نشأت وتنازعت فيما بينها، عقب موت يسوع مباشرة، فلقد حصل الانشقاق الأول بين كنيسة أورشليم وهي (كنيسة الختان)، التي فرضت على أتباعها عادة الختان اليهودية، وبقي فهمها لتعاليم يسوع متلونا بالأيديولوجيا التوراتية، وبين كنيسة الأمم التي تأسست بين الوثنيين بتأثير تعاليم بولس، على مساحة تمتد من أنطاكية وآسيا الصغرى إلى روما، وحررت أتباعها من شريعة الختان، وتخلصت إلى هذا الحد أو ذاك من سلطة الأيديولوجيا التوراتية، ذلك أن مسيح بولس ليس المسيح الذي انتظره اليهود ليحمل الخلاص لهم وحدهم، بل المسيح الكوني الذي افتدى بدمه البشرية جمعاء.
وعلى الرغم من هذا الانقسام الأيديولوجي والجغرافي، فقد بقيت عناصر من كنيسة الختان فاعلة في كنيسة الأمم، وعناصر من كنيسة الأمم فاعلة في كنيسة الختان، كما كان لكل من الكنيستين أتباع في مناطق الكنيسة الأخرى، وكان المسيحيون اليهود هم الخصوم الذين جادلهم بولس حيثما ذهب، سواء في غلاطية، أم في إفسوس وكولوسي ورومة، وغيرها، بينما كانت كنيسة الأمم تتوسع على حساب كنيسة الختان في مصر وسورية.
وعلى الرغم من أن هذا الانقسام قد تبعه انقسامات أخرى داخل كل كنيسة، فإن كنيسة الأمم كانت تتغلب على خلافاتها وترسخ أقدامها، حتى طغت على كنيسة الختان، واستقرت معتقداتها عندما توصلت في نهاية القرن الثاني الميلادي إلى صياغة الشكل المبكر من «قانون الإيمان المسيحي»، الذي ما زال حتى اليوم القاسم المشترك بين الكنائس المسيحية المختلفة، والذي بني على تفسير خاص للأناجيل الأربعة ولتعاليم الرسل، كما ونظمت الكنيسة نفسها في مؤسسة ذات هيكلية مراتبية، يشرف عليها ثلاث شرائح كهنوتية، هم الأساقفة والقساوسة والشمامسة، الذين نظروا إلى أنفسهم باعتبارهم حماة الإيمان الحق، والمصدر الوحيد لتفسير الكتاب المقدس.
وقد تربعت كنيسة روما على رأس الكنائس الأممية، وصار لها دور الرياسة والقيادة الروحية والتنظيمية، فهناك الآن كنيسة واحدة أرثوذكسية أي مستقيمة الإيمان، وهي في الوقت نفسه كاثوليكية أي مسكونية عالمية، وأما ما عداها فهرطقات ينبغي محاربتها واجتثاث أصولها، خلال هذه الفترة كانت كنيسة الختان تخسر مواقعها أمام الكنيسة القويمة، حتى تبدد أتباعها في الغرب واختفوا تماما، أما في الشرق فقد انقسمت إلى شيع مختلفة أهمها الأبيونيون والنصارى، واضمحلت تدريجيا حتى لم يبق منها أثر بعد الفتح الإسلامي لأقطار المشرق.
ناپیژندل شوی مخ