ومع هذا لم يظفر منهم بشهرة عالمية غير شاعرين اثنين: الزهاوي والرصافي.
أما الزهاوي: فكان أهل مصر يرونه ناظما لا شاعرا، وأكثر أشعاره يؤيد هذا الرأي.
ولكني سمعت من أخباره في بغداد ما أكد لي أنه كان يحيا حياة شعرية، وأنه كان في ذوقه وإحساسه من الأقطاب بين أهل الفنون، وهو الذي يقول في دفع من يتحاملون عليه:
علي تهافتوا فرفعت كفى
أصد به عن الأدب الذبابا
وأما الرصافي فهو أهل للشهرة التي ظفر بها بين قراء اللغة العربية، وله ديوان فخم سيحفظ مكانة بين دواوين الفحول.
وللرصافي أشعار كثيرة لم تنشر، وهي على ألسنة الناس، وأكثرها في الهجاء، وما وصل إلى سمعي من تلك الأشعار يشهد بأن العراق لم يضيع مذهبه المأثور في السخرية من سخيف الأخلاق والتقاليد.
والعراق مغبون من الوجهة العالمية، ففي بغداد والنجف شعراء لا يعرفهم غير أهل العراق، ولو اعتدل الميزان لسارت أسماء أولئك الشعراء.
أما النثر فلاحظ له في العراق لهذا العهد، وما أذكر أني قرأت في العراق رسالة أو مقالة تضع كاتبها في الطبقة الأولى بين طبقات الكتاب المبدعين.
وكذلك حالهم في النقد الأدبي، فليس فيهم اليوم ناقد حصيف يدرك الفروق بين دقائق المعاني.
ناپیژندل شوی مخ