212

وحي بغداد

وحي بغداد

ژانرونه

فكيف حالها اليوم؟

كيف حال البلاد التي رفعت راية العلم والمدنية بعد أن هجع الفرس والروم؟

عرفت في بغداد ثلاثة من الأندية الأدبية: نادي القلم العراقي، ونادي المعارف، ونادي المثنى.

أما نادي القلم العراقي فهو شعبة من نادي القلم الدولي، وهو تحت رياسة معالي الأستاذ محمد رضا الشيببي، أحد الأفذاذ بين شعراء العراق، وسكرتير هذا النادي هو الدكتور محمد فاضل الجمالي مدير التربية والتدريس بوزارة المعارف العراقية.

وصلتي بهذا النادي قوية، فقد تشرفت بعضويته، وكانت حجة من رشحوني للعضوية بذلك النادي أني عراقي الروح وإن كنت مصري النشأة، وقد أنسى كل شيء ولا أنسى أيامي بذلك النادي الجميل.

وكيف أنسى سهرات ذلك النادي وفيها صخب وضجيج يذكرني بمكتب تفتيش اللغة العربية بوزارة المعارف المصرية؟

كنا نجتمع في كل شهر نحو ثلاث مرات، وما كان لنا مكان معين، وإنما كنا نجتمع كل مرة في منزل أحد الأعضاء، وكان على العضو الذي نجتمع في بيته أن يراعي مقتضيات الأحوال، فإن كنا في المدينة قدم إلينا الشاي والحلواء، وإن كان منزله في الضواحي قدم إلينا العشاء الخفيف، والعشاء الخفيف هو طعام تبقى ذكراه في الذهن نحو ثلاثة أسابيع، كالذي كان يقع في الرستمية والزوية، ومن الزملاء من تلفت أمعاؤه من ذلك العشاء الخفيف.

وفي كل اجتماع يلقى أحد الأعضاء محاضرة، ولا تسألوا كيف كنا نستمع تلك المحاضرات فمعالي الأستاذ الشبيبي هو الذي كان يستمع ، وهو من أصبر الناس على المكاره والخطوب، أما الأعضاء فكانوا يقضون الوقت في مضايقة الخطيب، وأشهد أني كنت من أوفر الناس أدبا في تلك الاجتماعات، فما كنت أعترض على الخطيب أكثر من سبعين مرة في المجلس الواحد، وقد رأى معالي الرئيس أن يريحني من المشاغبات فكان يقفل باب المناقشة بعد كل اجتماع، وهو فضل لن ينساه من كان ينقذهم تدخل الرئيس.

وفي نادي القلم العراقي عنزان ينتطحان: هما الأستاذ عباس العزاوي والأستاذ عبد المسيح وزير، وكنت بدأت أناطح الأستاذ عبد المسيح، ولكن الدورة انتهت قبل أن أشفي غليلي، فإن رجعت إلى العراق فسوف ألقاه بما يشتهي حساده وعاذلوه.

ويهتم نادي القلم العراقي بطبع ما ألقى أعضاؤه من جيد المحاضرات، وستكون مجموعة قيمة تمثل جوانب من أدب العراق في العصر الحديث.

ناپیژندل شوی مخ