الفصل الثاني والعشرون
حيران حيران
حضرة الأستاذ محرر مجلة الهداية الإسلامية
أقدم إليك أطيب التحيات، وأذكر أنك تفضلت فطلبت مني كلمة للعدد الخاص، وكنت أنتظر أن تعفيني من هذا الواجب، لأنك تعرف ما يثقل كاهلي من الشواغل الثقال، وكنت أنتظر أيضا أن أعفي نفسي، ولكني رأيت لكم أصدقاء في الموصل يذكرونكم بالخير، ويحبون أن يكون لي في مجلتكم مكان، ومن هؤلاء الأصدقاء أخوكم الأستاذ بشير الصقال.
موضوع هذا المقال مأخوذ من أغنية عراقية تقول: «حيران حيران» وحيرتي مزعجة مضنية لأني أحب أن أكون من المصلحين، ولكني لا أعرف أين أتوجه، ولا أتبين ما يجب أن أصنع.
ولم تكن حيرتي حيرة فردية، وإنما هي حيرة إسلامية، فالإسلام اليوم في غربة موحشة، ولكنه مع ذلك في يقظة يحسب لها خصومه ألف حساب.
وإنما كان الأمر كذلك لأن المسلمين يملكون أخصب بقاء الأرض، وهم يشرفون على أعظم البحار، ويملكون نواصي المشرق والمغرب، ولو نفضوا عجاج الكسل عن رؤوسهم لسيطروا على العالم من جديد.
ولكن هناك أوهام فردية واجتماعية تشل أعضاء الأمم الإسلامية، ومن رأيي أنه يجب الاهتمام بتبديد تلك الأوهام، وأنا أعتقد أن هناك دسيسة خطرة جدا يراد بها تمزيق الأمم الإسلامية، وهذه الدسيسة لا يحبطها الإسراف في التغني بالماضي، وإنما يحبطها أن تحارب بقوة وعنف، وتقوم هذه الدسيسة على أساس القوميات العربية أو الإسلامية، فمن أوهام اليوم أو دسائس اليوم أن العروبة شيء والإسلام شيء، فأين المصلح الجريء الذي يجهر بأن الإسلام هو الذي أعز العرب وأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن بطلا عربيا، وإنما كان بطلا إسلاميا؟
وقد جهرت بهذه الحقيقة مرات في بغداد، واحتملها مني العراقيون لأنهم يعرفون أني مخلص، والعراقيون يحتملون كل شيء من أهل الإخلاص.
من رأيي أيها الأخ أن الإسلام لا ينهض إلا بنهضة اللغة العربية وأن من واجبنا أن ننشئ المدارس في الهند والصين والأفغان وإيران وفي سائر البلاد التي يعيش فيها المسلمون لنقيم قواعد الأخوة الإسلامية على أساس متين.
ناپیژندل شوی مخ