وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
ژانرونه
قديم بائد؛ وما يزال يتلقط رواية من هنا وأسطورة من هناك يسد بها الثغرة وينفي الحيرة. وكان التاريخ عنده لا يتجاوز بضعة آلاف من السنين؛ ومن ثم لم يكن بوسع الإنسان في هذا التاريخ المقزم أن يصنع شيئا هائلا كاللغة. من هنا تنفذ الأسطورة وتستوي وتتربع.
وجه الأمر أن كفاح الإنسان على الأرض بدأ منذ ملايين السنين، كما تدلنا علوم الأنثروبولوجيا والجيولوجيا، وأن اللغة ظاهرة اجتماعية نشأت على رسلها كنتيجة حتمية للحياة في جماعة أفرادها يجدون أنفسهم مضطرين إلى اتخاذ وسيلة للتواصل والتعبير وتبادل الأفكار والخواطر. اللغة ظاهرة اجتماعية تظهر بظهور المجتمع وتتأثر بعاداته وتقاليده وطرائق سلوكه وتفكيره، وتخضع لسنن التطور التي يخضع لها المجتمع، فترتقي بارتقائه وتنحط بانحطاطه.
ولم يكن العقل الإنساني في هذه المرحلة من تطوره ينفر من التناقض نفورنا منه الآن. ولم يكن «قانون التناقض»
law of contradiction
فاعلا فيه، هذا ما يجب أن نعيه ونحن نشهد النقائض متراصة في فكر القدماء جنبا إلى جنب
juxtaposed
في وئام وسلام، مثلما تتراص في أحلامنا! ونشهد التصورات الميثوبية
5
والغيبية تبتلع ببساطة تدعونا إلى العجب. كان الفكر القديم «يدرك العلاقة بين السبب والنتيجة (العلة والمعلول)، ولكنه لن يدرك ما نراه من سببية (علية) تعمل كالقانون آليا ودونما أي هوى شخصي؛ وذلك لأننا قد ابتعدنا كثيرا عن عالم التجربة المباشرة بحثا عن الأسباب الحقيقية ... إنه أعجز من أن ينسحب كل هذا الانسحاب عن الحقيقة المحسوسة. كما أنه لن يقنع بأفكارنا، فإذا بحث عن السبب، فإنه يبحث عن «من» لا عن «كيف». إنه يبحث عن إرادة ذات غرض تأتي فعلا معينا.»
6
ناپیژندل شوی مخ