41

رد كلود بجرأة: «لا، أنا لا أزعج نفسي بأي شيء مات مثل تلك الخنازير. فما الفائدة من ذلك؟»

تأرجحت السيدة فارمر في كرسيها قليلا، وتمتمت قائلة: «صحيح. تقع تلك الأمور أحيانا، وما ينبغي لنا أن ننزعج بشأنها بشدة. إنها ليست مهمة مثل إصابة إنسان بسوء، أليس كذلك؟»

اهتز كلود في كرسيه، وحاول أن يرد على كلامها الطيب، ويتكيف مع الراحة البسيطة التي توفرها غرفة الاستقبال الطويلة خاصتها، التي كان من الواضح أنها تحاول جاهدة أن تكون جذابة لأصدقائها. لم توجد أربع أرجل ثابتة في أي من الكراسي المنجدة أو الطاولات الصغيرة القابلة للطي التي أحضرتها من الجنوب، والأطر الذهبية الثقيلة كانت نصف مكسورة في صورة والدها القاضي الزيتية. لكنها لم تكن تهتم بمسألة الفقر - كدأب أهل الجنوب بعد الحرب الأهلية - ولا تشغل بالها كثيرا بالضرائب المتأخرة كما يفعل جيرانها. حاول كلود أن يكون ودودا في الحديث معها، ولكن شتته صوت الضحك المكبوت الذي كان يأتي من الطابق العلوي. على الأرجح كانت جلاديس وإنيد تتمازحان بشأن وجود بايليس هناك. يا لهما من فتاتين وقحتين!

عندما كانت مركبة الجليد تنطلق مسرعة وأجراسها تجلجل في شوارع القرية ذهابا وإيابا، أتى الناس إلى النوافذ الأمامية لمنازلهم لإلقاء نظرة عليها. عندما غادروا المدينة، اقترح بايليس أن يذهبوا إلى ما هو أبعد من منزل تريفور. بدأت الفتاتان تتحدثان عن الشابين اللذين كانا من نيو إنجلاند - تريفور وبرويستر - اللذين كانا يعيشان هناك لما كانت فرانكفورت لا تزال مستوطنة حدودية صغيرة ووعرة. كان الجميع يتحدثون عنهما الآن؛ إذ منذ بضعة أيام وصل خبر أن أحد الشريكين، وهو أموس برويستر، سقط ميتا في مكتب المحاماة الخاص به الكائن في هارتفورد. مر ثلاثون عاما منذ أن حاول هو وصديقه بروس تريفور أن يصبحا من أكبر مربي الماشية بمقاطعة فرانكفورت، وبنيا المنزل فوق التل الدائري الموجود شرقي المدينة، وأنفقا عليه مبلغا كبيرا بسعادة كبيرة. كان والد كلود يقول دائما إن المبلغ الذي يبددانه على الشراب ضئيل مقارنة بخسائرهما بسبب مساعيهما المحمودة في مجال الأعمال. قال السيد ويلر إن البلدة لم تبق قط على حالها بعدما غادرها هذان الشابان. سره أن يخبرهم عن الوقت حينما دخل تريفور وبرويستر في مجال تربية الأغنام. استوردا كبشا للتكاثر من اسكتلندا بتكلفة كبيرة؛ ولما وصل لم يصبرا وأرادا الاستفادة منه؛ ومن ثم أطلقاه مع النعاج بمجرد أن خرج من قفصه. وكانت النتيجة أن ولد كل الحملان في الفصل الخطأ؛ إذ ولدت في بداية شهر مارس - في عاصفة ثلجية شديدة - وماتت كل الأمهات من البرد. امتطى تريفور المغوار حصانه وطاف بجميع أرجاء المقاطعة، بين كل المستوطنات الصغيرة؛ كي يشتري زجاجات وحلمات إرضاع من أجل إطعام الحملان التي ماتت أمهاتها .

استؤجرت الأرض الفيضية الخصبة القريبة من منزل تريفور من قبل مزارع كان يزرعها من أجل بيع محصولها منذ سنوات حتى الآن، أما عن المنزل المريح الملحق به مبنى فرعي للعب البلياردو - وهو شيء لم يكن مألوفا في ذلك الجزء من الريف حينذاك - فقد ظل مغلقا ونوافذه مغطاة بألواح خشبية. كان يقع المنزل أعلى تل صغير مستدير، وكان يوجد خلفه بستان جميل من أشجار الحور القطني. ولما اتجه كلود نحوه في تلك الليلة، بدا التل بأشجاره الطويلة المستقيمة وكأنه قبعة كبيرة مصنوعة من الفراء موضوعة على الثلج.

علقت إنيد: «لماذا لم يشتر أحد هذا المنزل منذ مدة طويلة ويصلحه؟ لا يوجد مكان في تلك الأنحاء يمكن أن يقارن به. يبدو أنه المكان الذي يجب أن يعيش فيه أكابر المدينة.»

قال بايليس بنبرة متحفظة: «سرني أنه أعجبك يا إنيد. طالما كنت أضمر إعجابا لهذا المكان. لكن لم يرغب هذان الشخصان في بيعه مطلقا. ولكن هذا الأمر انتهى الآن. فقد اشتريته بالأمس. والعقد في طريقه إلى هارتفورد من أجل التوقيع.»

التفتت إنيد إليه وهي في مقعدها. «يا إلهي، يا بايليس، هل أنت جاد؟ لقد اشتريت منزل تريفور على الفور وكأنه عقار عادي! هل ستنهي إجراءات تملكه وتعيش فيه يوما ما؟» «لا أدري هل سأعيش فيه أم لا. إنه بعيد جدا بحيث لا يمكن أن أذهب منه إلى مكان عملي سيرا على الأقدام، والطريق المار عبر هذه الأرض يغمره الطين بشدة في الربيع بحيث يصعب أن تسير عليه السيارة.» «ولكنه ليس بعيدا، تبلغ المسافة أقل من ميل. لو امتلكت هذا المكان، فبالتأكيد لن أدع أحدا آخر يعيش فيه. حتى إن كاري تتذكره. وكثيرا ما تسأل في خطاباتها هل اشترى أحد منزل تريفور حتى الآن أم لا.»

كاري رويس - أخت إنيد الكبرى - في بعثة تبشيرية بالصين.

اعترف بايليس قائلا: «حسنا، أنا لم أشتره من أجل الاستثمار. دفعت قيمته بالكامل.»

ناپیژندل شوی مخ