============================================================
160 الوحيد في سلوك أهل التوحيد طالب إلى الله تعالى من ذلك الوجه، أو رفع بلاء يقع بذلك الجميع، لوقوعهم في الولي وإنكارهم عليه أو تبيينا لمن يقصد سلوك الطريق إلى الله تعالى، أو تشويقا لمن لا يعرف ذلك أو تربية لمريكء فإن الشيخ للمريد كالطبيب للمريض، فلا بد من معرفة مرضه ومعرفة دوائه، فهو يطلع على وسوسة نفسه، وهواجس خواطره ويأمره وينهاه بحسب ذلك الاطلاع، فيبقى المريد يلاحظ خطوات نفسه خشية من اطلاع الشيخ عليه، فيكون ذلك سببا لوصوله، وتارة يؤمرون بذلك فيقفون عند ما أمروا به من غير زيادة ولا تقصان.
وقد تقدم أني سألت الشيخ أبا العباس مرة عن قوله هذا المركب تغرق، وهذا الرجل يموت بعد كذا كذا يوم، فإنه وقع ذلك مرات وكان كما قال: فسألته عن هذه الأحوال فضحك واضطجع وجعل يقول وحياتي وحياتك ما هو باختياري، ومن عجائيه ما أخبريي به آخي نحم الدين على، أنه كان متوجها إلى طود فوجد الشيخ أبا العباس ماشيا في الطريق قال فعرضت عليه الركوب فامتنع قال: فتقدمت وسقت سوقا مسرعا حتى دخلت من باب البلد لأجد الشيخ آبا العباس قد دخل قدامي البلد فتعجبت من ذلك، ومن اطلاعه وتصرفه: طلع ليلة بالأقصرين إلى عند ضياء الدين على بن الصابوني فقال له: يا ضياء هات لي دينارين قال يا سيديء ما في دوايتي إلا دينار قال الشيخ: ما آخذ إلا أربعة فقال: الضياء ارجع بنا إلى الأول :خذ دينارين قال: ما آخذ إلا ستة قال الضياع: ما عندي سوى دينارين قال: ما آخذ إلا عشرة وإلا تغرم مائة، ثم نزل الشيخ وتركه ولم يعطه شيئا فلما كان السحر، وإذا حراقة أقبلت في البحر فوصل فيها الأمير علاء الدين الخازندار (11 كان واليا بقوص وطلب الضياء وأخاه الكمال فنزلا إليه فقال: يا قضاة، أنا جئتكم قاصدا فإن الحمل عاجز، وطلب قرضا فطلع الضياء وأحضر مائة دينار، وكذلك الكمال أخوه فلما كان بعد أيام دخل الضياء للشيخ أبي العباس فقال له يا سيدي إيش هذا؟ قال له: قلت لك يا مبارك ما فلت وهذا يدل على التصريف في رفع البلاء، وإيجاد العطاء المتلازم وعلى الكشف (1) اتظر: عجائب الآثار للحبرتي (327/3).
مخ ۱۴۰