============================================================
118 الوحيد في سلوك أهل التوحيد فسافرت فإذا هو علي الهندي الراهب فقلت: شيخ على، ما هذا؟ قال هو من جهة الزنديق، أقمت في طلبه ستة أشهر حتى وصلت إليه، وقد أعطاني الله تعالى زائذا عليك درحة، ولو لم أقف لك لما وصلت إلى، لكن يا محمد قال الشيخ [يعني الزنديقا: إن الله تعالى أعطاك ما تريد فدورانك على أي شيء؟.
حكى هذه الحكاية الشيخ محمد بن سدوس نفع الله تعالى ببركاته، وكان عدلا ورجلأ صالحا وكانت له أعمال وأحوال نذكرها إن شاء الله تعالى في موضعها، فهذه نبذة يسيرة من بعض أحوال المحبين والسالكين الذين رأيناهم، وبعض أوصاف المحبة فيمن شاهدناه وسمعنا به، من أهل زماننا في بلادنا وإن لم نستقص ذلك ولا بحثنا عنه، وقد صنف الناس كتبا في ذلك يضيق الوقت عن ذكرها(1).
ولو كان الناس كتابا والبحر مدادا والشحر أقلاما وأقاموا عمر الدنيا لما استطاعوا أن يكتبوا بعض أوصاف محبة الله تعالى وآثارها في المخصوصين والمحبين، وإنما ذكرنا هذه النبذة اللطيفة في أهل زماننا تشويقا للطالبين، حتى يغبطوا أهل زمافم فيما هم فيه، ولا يعتقدون أن ذلك كان في الزمان الماضي، ولم يكن في هذا الزمان فاقتصرنا على ذلك ، ولله الحمد والمنة.
صن الفقين ولنذكر نبذة يسيرة في وصف الفقير كما وصفه الله تعالى في كتابه، واصطلاح الطائفة في تسمية وصفه، وبعض ما جرى لهم من أهل زماتنا؛ إذ الفقر اسم جامغ جميع الصفات المحمودة، ونافي لجميع الصفات المذمومة، يدخل فيه جميع المقامات والأحوال، وينحصر في تسمية الأقوال والأعمال، ولا ينحصر في حال من الأحوال، ولا يعرف بقيل ولا قال(2).
(1) قلت: من ذلك الرسالة القشيرية، وطبقات السلمي، والطبقات للشيخ الشعراني، والكواكب الدرية للمناوي، والانتصار للموصلي، وروضة الحبور لابن الأطعايي، وحامع الكرامات للنبهاني، وغير ذلك كثير لا حصى (2) انظر: الرسالة الفقيرية للشيخ ابن سبعين قدس الله سره- في الكلام على معنى الفقر، ضمن رسائله، رقم(1)،
مخ ۱۰۸