واحات عمر: سيرة ذاتية: برخه لومړۍ
واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول
ژانرونه
(تقابل تدمر العربية) بولاية نيويورك في العام نفسه، وقيل إن الكتاب المذكور مترجم عن اليونانية القديمة، وقيل عن العبرية، وقيل عن غيرها، ولكن إثبات ذلك محال؛ لأن تلك النصوص المزعومة قد فقدت، والكتاب يقص قصة هجرة مجموعة من اليهود (العبرانيين) إلى أمريكا، من القدس، في عام 600 قبل الميلاد، بقيادة نبي يدعى «ليحي»
Lehi ، ثم انقسم المهاجرون إلى طائفتين؛ الأولى هي اللامنيون
Lamanites
الذين نسوا عقائدهم وأصبحوا من الهمج والبرابرة، ومن نسلهم انحدر الهنود الحمر الذين وجدهم كريستوفر كولومبس في أمريكا، والثانية هي النفيتيون
Nephites
الذين أخذوا بأسباب الحضارة وبنوا المدن العظيمة، وأصبحت لهم ثقافتهم الخاصة، وتركوا آثارا رائعة، ولكن اللامانيين كانوا لهم بالمرصاد فلم يكفوا عن محاربتهم حتى قضوا عليهم في عام 400 الميلادي تقريبا، ولكن الكتاب المذكور يقول إنهم قد استقوا تعاليم المسيحية الحقة عن يسوع بعد رفعه إلى السماء، وكتبها نبيهم مورمون على ألواح من الذهب الخالص، إلى جانب تاريخ الطائفة بطبيعة الحال، وتركها مورمون لابنه موروني الذي أضاف كتابات أخرى إليها ودفنها في الأرض حيث مكثت 1400 سنة، حتى كتب لها أن ترى النور من جديد على يدي موروني نفسه الذي بعث من مرقده وكان يتخذ صورة ملاك حينا وصورة نبي حينا آخر، فأسلمها إلى جوزيف سميث الذي سارع بترجمتها قبل أن تختفي إلى الأبد.
وسألت روجر كولمان (الكاثوليكي) عن رأيه في هذا الكلام فضحك وقال إن كل ما يعرفه هو أن المورمونيين لا يشربون الخمر ولا يأكلون لحم الخنزير! وسألت آخرين من البروتستانت فقالوا لي إنهم يعتبرون المورمونيين كفارا، وكنت في المكتبة أنظر أصل القصة حين خطر لي أن أسأل أحد الأمريكيين؛ ففي أمريكا ما لا يقل عن خمسة ملايين من أتباع هذه الطائفة، وسألت عن زميلة لنا من أمريكا تدعى إليزابيث فقالت لي السكرتيرة: «آه! المورمونية؟» فقلت في نفسي: «يا محاسن الصدف!» وسعيت إليها حتى قابلتها، وكأنما كانت تتوقع مني الهجوم على العقيدة؛ إذ بادرتني قائلة: «ليس صحيحا أن العقيدة مستوحاة من رواية القس سولومون سبولدينج، وليس صحيحا أنها من ابتكار جوزيف سميث، فهذه من تخرصات أعدائنا الذين وطنوا النفس على الكفر والإلحاد!».
وأكدت لها أنني لم أقرأ تلك الرواية، وأن كل همي هو أن أعرف المزيد عن العقيدة لا أن أطعن فيها أو أدرس تاريخها، وعندما شعرت أنني صادق صحبتني إلى الكافيتريا حيث اشترى كل منا فنجان شاي وشرعت تقول: «مذهبنا الراهن مذهب روحي، وهو يفرض على الفرد مسئولية روحية يتخطى بها تكاليف (بمعنى طقوس) الكنيسة، وأكبر دليل على ذلك تجاوزنا للنظم الكنسية التي تقوم على اعتبار الجسد دنسا، وما دامت الروح طاهرة فلا بد أن يكون مسكنها طاهرا، والطهارة في مفهومنا تعتمد على الماء؛ فالتعميد يجري بغمر الجسد في الماء، والاستحمام من وسائل التطهير المؤكدة، ونحن نفضل المأكولات الطاهرة مثل الفواكه والخضر، ومعظمنا نباتيون، ولا نشرب الخمر؛ لأنه يغير من الفطرة وكل ما يلوث الفطرة أو يدنسها فهو نجس، ونحن نؤمن بالخير الذي يتجلى في الحرية والإنجاب والتواصل؛ ولذلك نؤمن بتعدد «رفقاء المضجع» استجابة للفطرة ونبذا للحرمان وتحقيقا للإشباع الروحي.»
وأسهبت إليزابيث وأطالت، فأدركت أن شيوع المذهب دليل على جاذبية خاصة فشكرتها، ولكنني عندما أردت الانصراف قالت لي: «إذا أردت أن تعرف المزيد فارجع إلى الأستاذ ماثيوز الذي يعتبر حجة في تاريخنا.» وقد فعلت ذلك في نفس اليوم، فقال لي دهشا: «ومتى كان المسلم مهتما بالمورمون؟ لا بد أنه التعطش للمعرفة!» ولكن ما قاله كان مذهلا! قال ماثيوز إن المورمونيين يشككون في صحة ترجمة الكتاب المقدس، وإن سفر مورمون الذي يزعم جوزيف سميث أنه ترجمه عن أصل مفقود لا يمكن أن يكون كتابا مقدسا؛ فهو «محاكاة شعرية» لأسفار العهد القديم ويقوم على فكرة «الدائرة»؛ أي إن التاريخ يسير في دوائر، فالناس تنزع إلى الخير في أول الزمان ومن ثم تحيا في رغد من العيش، ثم تنزع إلى الشر فيصيبها البؤس والهلاك، ثم تتوب فيعود العيش الرغد وهكذا، وأما الكتابان اللذان يزعم جوزيف سميث أنه اكتشفهما وهما كتاب إبراهيم وكتاب موسى وأدرجهما في كتاب له لم يستكمل تأليفه، (واسمه لؤلؤة غالية الثمن) (Pear of Great Price) ؛ فقد اكتشف العلماء منذ أعوام قليلة أنهما منقولان عن كتاب الموتى الذي وضعه قدماء المصريين، وكانت بعض أجزائه المترجمة بعد اكتشافه وحل رموز اللغة المصرية القديمة قد نشرت في أوروبا في أواخر عهد سميث، ولا أدل على ذلك من البردية التي صورها سميث (أو من خلفه) ووضعها في صدر كتابه إذ أكد الخبراء أنها تزوير في تزوير، وأن ما بها لا يعدو أن يكون ترجمة حرفية عن الترجمة الفرنسية للشعائر الجنائزية المصرية، وقد أعيد اكتشاف البردية المصرية التي تتضمنها في متحف متروبوليتان للفن بنيويورك عام 1966م، وقام الخبراء بمضاهاة ما جاء فيها بالبردية التي يزعم سميث أنها البردية الأصلية.
أما أخطر ما نبهني إليه ماثيوز في هذا كله فهو ما لم يفصح عنه الزائران المسنان، ولا ألان، ولا إليزابيث، ألا وهو أن «الطهارة» التي كانت تتحدث عنها تنطبق أيضا على لون الجلد، فلم يذكر لي ألان، ولا وجدت في المراجع التي أوصاني بقراءتها، ما يدل على أن اللامانيين كانوا من ذوي الجلد الداكن؛ ولذلك فقد دفعهم «الخبث» بمعنى الحطة المتأصلة في فطرتهم إلى التمرد والهمجية، في حين اتجه النفيتيون ل «كرم» متأصل في لونهم الأبيض إلى بناء الحضارة والتمدن، وإذا كانت الدورة (الدائرة) الأولى قد كتبت الغلبة للشر فانتصر الهنود الحمر على ذوي البشرة البيضاء (الطاهرة ) فلقد أتت الدورة الثانية بالنصر لأصحابه، وأصبح الخير ظافرا في ولاية «أوتاه» (Utah)
ناپیژندل شوی مخ