واحات عمر: سيرة ذاتية: برخه لومړۍ
واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول
ژانرونه
حالما تصل أول دفعة من الصفقة، مما يتيح للمال أن يوضع في البنك ويدر أرباحا قدرها نسبة 6٪، تذهب نسبة 3٪ منها إلى التاجر، مطروحا منها 1٪ لقاء الدفعة الأولى، و2٪ تضاف إلى عمولة رئيس مجلس الإدارة، ومثلما فعل الأول قام التاجر بإجراء اتصال تليفوني (لعله بالمحامي) ثم عاد ليعلن موافقته. وخرجنا على أن نمر في اليوم التالي لتوقيع عقد جديد.
وسألته ونحن في الطريق إن كان تخفيض نسبة التركيز في المحلول سوف يؤثر على فاعليته فضحك وقال: «إطلاقا! لا تكن ساذجا مثل خالك! هذه المحاليل لا تستخدم في الصناعة، ولكنها تستخدم في المختبرات المدرسية، ونحن نوردها للمدارس والجامعات فقط! فهل تتصور أن المدرسة سوف تعرف قوة تركيز المحلول؟ ولو عرفت فهل يؤثر ذلك في شيء؟ لسوف يذيب الحامض ما يوضع فيه مهما كان تركيزه! لا تكن حنبليا!» وضحكت حتى أخفف من توتر الموقف، ثم عدت أقول ضاحكا حتى لا أغضبه: «كان عندنا مدرس اسمه شكري ديمتري يستطيع معرفة قوة تركيز المحلول!» وأطلق ضحكة مجلجلة ونحن في قطار المترو، ثم قال: «وفيه كام شكري ديمتري في مصر؟» ثم همس لي: «وحتى لو عرف المدرس ذلك، فسوف نناقشه ونشكك في نتائجه، فإذا أصر أرسلنا له زجاجة أخرى من زجاجات ألمانيا الشرقية!»
وعندما قابلت خالي سألني عن المفاوضات وهل كللت بالنجاح فأكدت له أن الزائر الكبير قد أبرم اتفاقياته بنجاح وربما لن يحتاج إلي في اليوم التالي، ولكنه اتصل به تليفونيا فقال له إنه يريدني لمهمة أخرى ، فذهبت إليه يوم الأربعاء، فقدم لي ورقة مالية بخمسة جنيهات، فقلت له إنني لا أتقاضى أجرا على ذلك، وإن شئت فإن أجري اليومي في الترجمة 18 جنيها! فضحك وقال: «أنت لا تعرف مدى نفوذي وسلطتي في مصر.» فأسرعت أقول: فاعتبر خدماتي هدية مني إليك! وقال في اللحظة نفسها: «هدية مقبولة!» ثم تواعدنا على اللقاء في اليوم التالي، وقابلني هاشا باشا وقال: «أنتم ناس طيبون، وأنا أساعد خالك؛ لأنه ب «يعرف ربنا» رغم ما أعلمه عنه من علاقة مع التجار الألمان، ولكنني ساندته وحميته من بطش عامر.» وانطلقنا فوقعنا العقدين ، ثم رحل الزائر الكبير مع خالي إلى ألمانيا أولا ثم إلى مصر، وعندما عدت إلى نهاد لم أشأ أن أعكر صفو أحزانها على وفاة عبد الناصر، ولم أشأ أن أقول لها ما يحدث في القطاع العام، وإن كان في أعماقي صوت داخلي يهتف: أين أنت يا عبد الناصر حتى أقص عليك ما رأيته وما سمعته؟! رحم الله عبد الناصر.
وشغلت نهاد في الخريف بالاستعداد للسفر، وكان يبدو لي أنها كانت تريد أن تطمئن إلى أن مصر ما تزال حية ترزق بعد وفاة عائلها، أما أنا فشغلت بترجمة خطابات السادات في عطلة نهاية الأسبوع، وبدراسة مسرح القرن الثامن عشر في إنجلترا ساعات طويلة كل يوم في مكتبة الكلية، تمهيدا لكتابة الفصل الثالث عن مسرحية «سكان الحدود»
The Borderers
التي كنت أراها شيكسبيرية المذاق، ولا تكاد تنتمي إلى القرن الثامن عشر إطلاقا!
وسافرت نهاد، وعندما عادت كانت قد شفيت تماما من الحزن، بعد أن ذاقت الأمرين في محاولة استخراج تأشيرة الخروج من المجمع، وكانت تتردد عليه يوميا حتى يسمحوا لها بالسفر، ولولا جهود الأستاذ صليحة والدها رحمه الله ما خرجت ثانية من مصر. لكن تلميحاتها هذه المرة كانت واضحة؛ فالكل في مصر يتساءل عن عدم إنجابنا للأطفال، وكان لسان حالها يقول «أريد طفلا!» وكذلك كان لسان حالي أيضا!
7
لا شك أن السنوات الأربع التي عشناها معا دون أطفال قد قربت بيننا كثيرا فكانت نهاد لي نعم الصديق، وكانت قراءة الكتب معا والذهاب إلى المسرح معا من الظواهر الفريدة بين الدارسين المتزوجين هنا، ولأختم هذا الفصل بحادثة ما تزال تختزنها ذاكرة نهاد «الانتقائية» (
eclectic ) وإن كنت غير واثق من أسس اختياراتها.
ناپیژندل شوی مخ