واحات عمر: سيرة ذاتية: برخه لومړۍ
واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول
ژانرونه
facts
الواردة هنا - فهل يقولان ذلك؟ أفلا يقولان «ما أشد الحرارة هنا! إلخ»؟
كنت أتعلم الإنجليزية لا باعتبارها ألفاظا بل باعتبارها أنماط تفكير، وسرعان ما وجدت أن عالم الجامعة والكتب ومناقشات المائدة
table talk
أصبحت تتناقض مع عالم العربية التي أتحدثها أحيانا في المساء مع الأصدقاء، وكانت الهوة تزداد حتى أصبحت أشعر أنني غير قادر على كتابة الأحاديث الإذاعية، وبازدياد ابتعادي عن الإذاعة ازداد ناب الفقر حدة، وغدوت أستعيض عن متعة الإنفاق بمتعة الحديث، خصوصا حول مائدة العشاء مع الأساتذة الإنجليز، وقل معدل الخطابات التي أرسلها بالعربية إلى مصر وإلى سمير سرحان في أمريكا! وبدأت أكتب رسائلي بالإنجليزية إلى نهاد خطيبتي وحدها!
3
وكان من المتع الأخرى متعة الاستماع إلى مغامرات المصريين مع الإنجليزيات واصطدام ميل المصري إلى الكذب مع ميل الإنجليزية إلى الصراحة، وكنت أحاول في متابعة أخبار الأصدقاء، وبعضهم ممن تربطني به علاقة مستمرة، أن أعرف دوافعهم الحقيقية للكذب، واكتشفت على مر السنين أن الدافع الرئيسي هو «الافتقار إلى الأمان»، وهي ترجمة شائعة ورديئة لكلمة
insecurity
التي تعني في الواقع ما نعنيه في حياتنا المعاصرة بالقلق وعدم الاطمئنان، وتتضمن بعض عناصر الخوف وعدم الثقة بالنفس. كان بعض أصدقائي قد ارتبطوا بفتيات إنجليزيات أو أمريكيات، واتفقوا إما على البقاء في إنجلترا أو على الهجرة إلى أمريكا أو كندا، ولم يكن هؤلاء بحاجة إلى الكذب، بل كانوا يختفون فلا يظهرون في دوائر الطلاب العرب، وتقتصر صلتهم بالمكتب الثقافي على الخطابات الرسمية المتبادلة، ولكن البعض الآخر لم يكن واثقا مما سيفعله في المستقبل، وكان لذلك «يحمي» نفسه بستار كثيف من الأكاذيب، وكان بعضهم قد اعتاد الكذب على الفتيات في مصر، وتمكنت منه العادة التي كان يراها لازمة، ثم لم يستطع أن يقلع عنها حتى بعد زوال ذلك اللزوم، وكانت فئة ثالثة تكذب لا لسبب؛ فهو كذب يكاد يكون مفروضا على الفرد من باطنه، وهو ما يطلق على صاحبه تعبير
compulsive liar ، وأخيرا كانت هناك فئة تجد في الكذب متعة إبداعية؛ فألوان الكذب هنا منوعة تتفاوت بتفاوت المواقف، ويعمل الكاذب فيها خياله فيبحر في المحيطات ويجوب الفيافي، ويؤلف القصص وينسج الحكايات، وإن كانت الحادثة التالية تقبل التصنيف في جميع الفئات المذكورة!
ناپیژندل شوی مخ