واحات عمر: سيرة ذاتية: برخه لومړۍ
واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول
ژانرونه
يميل دائما إلى الحذر حين ينتقل من الحديث العابر إلى موضوع جاد، وقد يعود ذلك إلى أسلوب التنشئة أو التربية في المنزل والمدرسة؛ فالأهل والمدرسون يشجعون التلميذ على التفكير أولا قبل الإجابة على أي سؤال، وهم لا يتوقعون من الطفل أن يكون حاضر البديهة، بل ولا يعتبرون ذلك من سمات الذكاء، ووراء ذلك كله قرون طويلة من عصر العلم، وتقاليد الإصرار على أن يكون للطالب وجهة نظر مستقلة، وأن يمارس حرية التفكير ثم يحاسب على هذه الحرية وما فعل بها؛ ولذلك فما أسرع ما يعترف المخطئ بخطئه ويعرب عن أسفه! وهذا مما يعتبره المربون مزية كبرى، والأهل والمعلمون لا يحاسبون المخطئ على الخطأ بل على مكابرته إذا كابر؛ فالجهل ليس عيبا، بل العيب كل العيب أن يدعي الدارس أنه يعرف ما لا يعرف؛ أي أن «يتعالم». ويتجلى ذلك كله في استعمال اللغة الإنجليزية في الحديث والكتابة، وعندما أدركت هذه الحقائق فهمت غضب الأستاذ المشرف علي حين وجدني أستخدم ألفاظا قاطعة، وأطلعني على عرض كان يكتبه لكتاب قرأه، وكيف كان يتحاشى فيه القطع بأي شيء؛ فالعلوم الإنسانية، كما يقول، تتناول تفسير الحقائق أكثر مما تتناول الحقائق باعتبارها حقائق؛ ومن ثم شرعت في محاكاة هذا الأسلوب، فلم تلبث اللغة التي أتكلمها وأكتبها أن اكتسبت طابعا أقرب إلى طابع أهلها؛ أي أهل الإنجليزية!
د. عادل مشرفة ود. نعيم اليافي في كلية بدفورد عام 1966م.
كان الفن الحديث يرتبط بدراستي، والحيل اللغوية تتردد في حوار الناس والممثلين على المسرح، فإذا أراد شخص أن يعرب عن اعتراضه لم يقل «إني أعترض» بل قال “I don’t know ...”
بداية، ومعناها «لست واثقا من صحة ما تقول»، ثم يردفها برأيه الذي قد يمثل نقيض ما قيل، وإذا أراد التعبير حتى عما نعتبره من الأحكام غير الخلافية، أدرج في العبارة ألفاظا تسمح بقدر ما من الاختلاف، وذلك كما أقول حتى لو كان الأمر لا خلاف عليه! وانظر الحوار التالي الذي يعتبر غريبا عن العربية: - It feels warm enough here! - The central heating must be working well! - It’s the new librarian, you know! She says she’s a greenhouse plant and seems to relish the sweltering heat! - Would those foreigners, coming from the tropics?
وانظر إلى ترجمته الحرفية: - أشعر بأن الدفء هنا يكفي! - لا بد أن جهاز التدفئة المركزية يعمل بكفاءة! - والسبب هو أمينة المكتبة! فهي تقول إنها مثل النباتات التي تنمو في الصوبة الزراعية، ويبدو أنها تستمتع بهذه الحرارة البالغة! - وهل يستمتع بها هؤلاء الأجانب القادمون من المناطق الحارة؟
الحديث - كما ترى - من نوع «تزجية الوقت» في الظاهر، ولكنه يتضمن الاعتراض على زيادة التدفئة إلى حد أكبر مما ينبغي، ولكن الصياغة تحيل الأفكار إلى ملاحظات تقبل النقض، خصوصا العبارات التي تتضمن المقارنة أو ما يسمى بالتعبير النسبي، (
Comparative )، مثل كلمة
enough ؛ فماذا تعني الكناية هنا؟ يكفي ماذا أو لماذا؟ إنها تعبير تنفرد به اللغة الإنجليزية ويبدو في الترجمة غريبا، وانظر إلى تعبير
must be (لا بد أنه) الذي لا يفيد اليقين، وكذلك
seems (يبدو) والسؤال الختامي! بل إن العبارة التي تنسب لأمينة المكتبة «التسبب» في رفع درجة الحرارة غير واضحة! فما معنى السطر الثالث حقا؟ هل يعني ما جاء في الترجمة من أن أمينة المكتبة هي السبب؟ لا شك أن ذلك هو المعنى الموحى به، ولكن التعبير نفسه لا يقطع بذلك؛ فقد يكون المعنى أنها توافق على رفع درجة الحرارة، أو لا تعمل على خفضها، أو أنها ذات صلة ما بالحرارة الشديدة وحسب! وانظر إلى الحذر في الإشارة إلى ما تبديه أمينة المكتبة من استمتاع بالحرارة؛ إذ يبدأ التعبير بعبارة «إنها تقول ...» أي «والعهدة على الراوي!» مما يبرئ المتحدث من تهمة التجني عليها! ترى لو قدر لاثنين من العرب أن يعبرا عن الأفكار نفسها - أي عن الحقائق
ناپیژندل شوی مخ