حركةٍ يَمْنَةً، وحركةٍ يَسْرَةً، والسكونِ، فإن كان هذا لا يجبُ في بعضِ الأضْدادِ، لم يَجِبْ أيضًا في كلِّ الأضدادِ المُساوَقَةُ.
ومما يَدُلُّ على ذلك أن الأضدادَ إنما تتضادُ على المحل الواحدِ إذا كان من شأنِها أن تَحِلَّ في مَحَلٍّ، يدل على ذلك أن بياضَ زيدٍ لا يُضادُ سوادَ عمرو، وُيضادُه ما كان من جِنْسِ ذلك البياضِ يَحُلُ في زيدٍ، وإذا ثبتَ هذا قلنا: إن المضادَّةَ بينَ الإِرادةِ والكراهةِ حاصلةٌ من حيثُ تعاقَبَتْ على المَحَلِّ، ومتى وُجدَ أحدهُما في المَحَلِّ-وهو الحَي-، انتفى الآخَرُ عن ذلك المَحَلِّ، فأما إذا وُجدَ الموتُ انتفتِ الحياةُ، وهي ضِدُّه، وكان امتناعُ حلولِ الإِرادةِ لاَ لحلولِ ضدِّها - وهي الكراهةُ-، لكنْ لعدم شَرطِها، وهي الحياةُ، فخرجَ المحل عن كونِه قابلًا لكراهةٍ وإرادةٍ، فصَارَ كعَدَم المحلِّ رأسًا، لا يقالُ: إنه ضد لأعْراضِ الجسمِ.
فصل
في الفِسْقِ
الفِسْقُ: هوالخروجُ، يقال: فَسَقَتِ الحيَّةُ: إذا خَرَجَتْ. وسُمِّيَتِ الفَأْرَةُ: الفُويسِقَةَ (١)، وسُمَيَ به العاصي بكبيرةٍ، أو بمداومةٍ [على]، صغيرةٍ، لخروجهِ عن أمرِ الله وشرعِه، قال سبحانه: ﴿فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف: ٥٠]، يعني: خرجَ. فهذا حَدُّ الفِسْقِ أصلًا في اللغةِ.
وهو في الفقهِ بحكمِ الرَّسْمِ: عبارةٌ عن فِعْلِ كبيرةٍ، أو مُداوَمةٍ