عند ذلك طرقت المدموازيل راين الباب، فنهض رجاء باشا وفتحه، فهمست قائلة: قدم البرنس سناء الدين مع صاحبك نامق بك.
فالتفت رجاء باشا إلى نميقة وقال: مهلا، انتظريني ريثما أعود. قد أتأخر نحو الساعة أو أقل. فانتظري هنا.
وخرج رجاء باشا إلى البهو، ولما دخل قال نامق بك: سعادته رجاء باشا يا سمو البرنس.
أما البرنس فلما وقعت عيناه على الباشا ارتد إلى الوراء كأنه ذعر من رؤيته. ولو تيسر حينئذ تصوير ذلك اللقاء الغريب لرأيت في الصورة عيني البرنس تقدحان شررا ووجهه قد تجهم وبدنه ينتفض، ولرأيت رجاء باشا يحدق فيه بحدقتين كأنهما قطبا مغنطيس وفي فمه شبه ابتسامة، وفي جميع محياه مسحة من الأنفة والاستعلاء.
دام هذا المنظر نحو ربع الدقيقة، كان فيها شاربا البرنس يتراقصان غيظا وحنقا، والغيظ يشتد حتى صار البرنس ينتفض كله. ثم التفت إلى نامق بك وقال له: ويلي منك يا نامق! أإلى هذا الرجل الحقير الدنيء الوغد السافل تأتي بي! أإلى هذه القاذورة تجرني! أبهذه الوساخة تلوثني! تبا لك!
فدهش نامق بك وجزع لهذه المقابلة الغريبة التي لم يفهم سرها، وقال مرتعدا: عفوا يا مولاي لا أفهم شيئا مما تقول، ماذا تعني؟ ويلاه، ماذا طرأ على سيدي البرنس؟
فقال البرنس سناء الدين: ويحك! أما كان يجب عليك أن تتحقق من هو الشخص الذي تدعوني لزيارته، وما هو المنزل الذي تدخل بي إليه؟ هل نسيت أن لي مقاما لا أنزل عنه، وأن لي كرامة يجب أن تبقى مصونة، وأن لي ...
فتناول رجاء باشا الحديث وقال: أجل، إن لك سموا لا تدانيه الكواكب في أفلاكها، فكيف استطعت أن تصل إلى هنا متجاوزا الكواكب؟
فأعرض البرنس سناء الدين عنه والتفت إلى نامق بك قائلا: هلم يا نامق من حيث جئنا. لا أستطيع أن أصفح عن ذنبك هذا.
فازداد نامق بك ارتباكا وقال: ويلاه! أفصح يا مولاي، لا أفهم ماذا جرى.
ناپیژندل شوی مخ