وكانت تلك الثورة الهائلة وتلك الحرب الشعواء - على ما أريق فيهما من دماء غزيرة إذا قورنت بما أتاه المسلمون في غزواتهم التي عز بها الإسلام - ظاهرة سخيفة مضحكة، يتمثل فيها الإنسان - عن غير قصد - كيف قلبوا تمثيل هذه الرواية الجدية التي مثلها النبي وأصحابه مهزلة وعبثا!
ألا ترى إلى مسيلمة الذي مثل دور النبي في اليمامة؟
ألا ترى إلى ذلك الدجال السوقي التعس، ذلك المشعوذ السمج، الذي لا يصلح لغير التدجيل وإدخال بيضة في زجاجة ضيقة الفوهة، ألا ترى إليه ينشئ قرآنا سخيفا يقلد به محمدا، ثم يرخص لأتباعه في شرب الخمور أنى شاءوا، ولا يكاد ينشر دعوته حتى يصادفه سوء الحظ فتحاصره «سجاح» وتنازعه النبوة. •••
أما «سجاح» هذه فقد كانت مسيحية نشأت في «بلاد النهرين»، وجاءت تبث الدعوة لنفسها - على رأس جيش عظيم - فماذا يصنع مسيلمة؟
ليس أمامه إلا أن يلجأ إلى طريق المسالمة - وقد فعل - فأرسل إليها هدايا فاخرة، ودعاها إلى محادثته، وطال بينهما الحوار.
34
ولما عادت «سجاح» إلى قومها سألوها عن رأيها في «مسيلمة» فقالت لهم: «لقد رأيته نبيا حقا فتزوجت منه!»
فسألها التميميون: «وهل أهدى إلينا شيئا من مهر الزواج؟»
فقالت: «لا.» فقالوا لها: «عار علينا أن نزوج نبيتنا بلا مهر! ولن نقبل ذلك بحال ما!»
فأرسلت إليه بذلك - وكان مسيلمة خائفا متحصنا - فلما جاءه الرسول لم يأذن له حتى عرف الغرض الذي جاء من أجله، فاطمأن إليه وقال له: «عد إلى قومك فأخبرهم أن مسيلمة بن حبيب رسول الله قد رفع عن التميميين - من الصلوات الخمس - صلاتي الصبح والعشاء».
ناپیژندل شوی مخ