فيتقدم المبتدأ في هذه المرة مرحبا بشرطها، ولا يكاد يفعل حتى تأتي جميع أخوات إن طالبة مثل طلبها فيظفرن به.
هكذا كان يسلك ذلك المدرس الظريف في شرح النحو وتحبيبه إلى نفوس الطلبة، وهي طريقة طريفة كانت تحبب الطلبة في دروسه، وترغبهم في الاستفادة من علمه. •••
وكثيرا ما لجأ أبي - في تربيتي - إلى ضرب الأمثلة، والقصص. أذكر لكم أن بعض أشقياء الصبية أغراني بتسلق «الترام» - وأنا صغير - فرآني أبي وأنا أفعل ذلك ولم أره.
فلما عاد إلى المنزل قال لي: «لقد حدث اليوم يا ولدي أمر عجيب، فقد هوى ولد شقي تحت عجلات الترام فقطعته شطرين، وظل الناس يلعنونه ويلعنون أهله. «وهنا ذكرتك يا ولدي فحمدت الله على حسن أدبك وبعدك عن هذه الدنايا.»
أقول لحضراتكم: إن الأرض كادت تغوص بي، وكان هذا آخر عهدي بهذا العمل الممقوت. •••
وفي ذات يوم قلت له - وكنت طفلا: «إني لأخشى العفاريت، والحشرات المؤذية حين أصعد سلم البيت في ظلام الليل.»
فقال لي: «من الذي يحرسك وأنت نائم؟»
قلت: «هو الله.»
قال: «أتظن أن من يحرسك وأنت نائم لا يحرسك وأنت يقظان؟» فكان ذلك آخر عهدي بالخوف أيها السادة.
ولقد قرأ لي أبي كثيرا من القصص في فجر حياتي، لا أزال مدينا لها - إلى الآن - بما يظنه في بعض من يحسنون الظن بي من خيال وأدب. •••
ناپیژندل شوی مخ