قالت الفتاة: فقد فعلت، وإني لذلك لشاكرة، ولكنك اتخذتني لنفسك زوجا، فليكن الأمر بيننا كما يكون بين الأزواج. هنالك انهلت
140
دموع غزار من عيني الفتى، ولم يعرف أكانت دموع الحزن أم دموع السرور. وهنالك صعد الدم إلى وجه الفتاة فأسبغ عليه حمرة قانية لم تعرف أكانت حمرة الخجل أم حمرة الابتهاج بأنها قد اقتحمت ما كان بينها وبين زوجها وشقيق نفسها من العقاب.
أقبل خلف ذات يوم فألم بضيعته في السراة، وعرف من أمرها ما كان يريد أن يعرف، وسمع من قيمه رباح ما كان يحب أن يسمع، ورضي عما رأى وما سمع وما عرف، فأمور الضيعة تجري على خير ما كان يحب: مال كثير، وغلة غزيرة، وأمانة من رباح لا يرقى إليها الشك. وقد بلغ الرضا من نفس خلف أن تمنى أن يحسن إلى قيمه وأن يكافئه على ما بذل من جهد، فأهدى إليه إبلا وشاء، وفضلا مما تغله
141
الضيعة من ثمر الأرض، وتلقى منه شكره للجميل، فاغتبطت نفسه واطمأن قلبه، وهم القيم أن ينصرف راضيا موفورا، ولكن خلفا يستوقفه ويسأله في دعابة حلوة: إيه يا رباح! أيكما العقيم؟ فقد مضى دهر منذ أملكتك تلك الحمامة الحبشية ولم أر لكما ولدا. فوجم القيم شيئا، وهم أن يتكلم ولكن الحياء عقد لسانه، فغض بصره وأطرق إلى الأرض، وألح عليه خلف في السؤال وأعاد إليه مقالته متضاحكا: إيه يا رباح! أيكما العقيم؟
قال رباح وقد عاد إليه شيء من جراءة وشيء من حفاظ:
142
وما يعنيك أن نعقم أو أن يكون لنا الولد؟
قال خلف: على رسلك
ناپیژندل شوی مخ