وأنبلَ من تقديسِ تلك المناقب، التي كان رسولُ الله ﷺ قدوة فيها للمقتدين.
أما في الزهد وعزيمةِ الإِيمان: فقد كان رسول الله ﷺ في المقام الأول بين الرجال؛ في المقام الأول بخِلقته، وفي المقام الأول بنيَّته، وفي المقام الأول بعَمَله؛ وفي المقام الأول بالقياس إلى المُشْبِهين له في دعوته.
لقد زَهِد رسولُ الله ﷺ شحْذًا للعزيمة، وإعذارًا إلى الله فيما تجرَّد له من إصلاحٍ، لقد كانت هدايةُ الناس إلى الله ﷿ هي جُملةَ أمانيه وغايةُ آمالِه في دار الدنيا .. لقد كان رسول الله ﷺ رجلًا لا كمِثْلِه الرجال ..
فمبْلَغُ العلمِ فيهِ أنَّهُ بشَرٌ … وأنه خيرُ خَلقِ اللهِ كُلِّهِمُ
* رسول الله ﷺ في التاريخ:
إن التاريخ كلَّه بعد رسول الله ﷺ متصلٌ به مرهونٌ بعمله .. كان التاريخُ شيئًا فأصبح شيئًا آخر .. لقد كان لعلوِّ همَّته أثرٌ في الأحداثِ العِظام في تاريخ بني الإِنسان .. بمِقدارِ ما في هذه الأحداث من فُتوحِ الرُّوح، لا بمِقدارِ ما فيها من فتوح البلدان، لقد تفتَّحت للإِنسان آفاقٌ جديدةٌ في عالَم الضمير، ارتفع بها فوقَ طِباق الحيوانِ السائم، ودنا به مرتبةً إلى الله.
لقد كانت فتوحُ رسول الله ﷺ فتوحَ إيمان، وكانت قُوَّته قوةَ إيمان، وما من سِمَةٍ لعمله أوضحُ من هذه السِّمَة.
لقد حَكَم التاريخُ لرسول الله ﷺ أنه كان في نفسِه قدوةَ المهذَّبين، وكان في عملِه أعظمَ الرجالِ أثرًا في الدنيا، وكان في عقيدته أفضلَ الناس