دودیزې د ملتونو لپاره: هرمیات او جمهوریت
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
ژانرونه
بطبيعة الحال، فإن هذه التطورات، المتمثلة في مركزية الدولة، وخصخصة الدين، وتأثير النموذج العهدي من الأمم؛ لم تزدهر أو تجتمع معا على الفور؛ ونتيجة لذلك، فلا يمكننا إدراك بدايات أيديولوجية الأمة الجمهورية المدنية «في حد ذاتها» إلا في أواخر القرن الثامن عشر. ونظرا لمحورية الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية في تاريخ الغرب، فإن هذا النوع من الأيديولوجية القومية بمنزلة المعيار لكل أشكال الأيديولوجيات القومية اللاحقة، حتى تلك التي تجعل نفسها مناهضة على نحو واع لكل من الغرب ومختلف أنواع قومياته.
إن هذه الأيديولوجية المعنية هي أيديولوجية جمهورية شكلا ومدنية موضوعا. لقد نشأت من البيئة الاجتماعية والثقافية المحددة في إنجلترا وفرنسا القرن الثامن عشر بصفتهما القوتين الرائدتين والنموذجين الثقافيين لتلك الفترة. في جوهر الأمر، كما رأينا في الفصل الأول، تطرح الأيديولوجية نموذجا إقليميا مدنيا، تعتبر فيه الأمة مجتمعا متماسكا ومحددا من الناحية الإقليمية، يتبع مجموعة واحدة من القوانين وله مؤسسات قانونية موحدة، ويتسم بالمشاركة الجماعية في الحياة السياسية، ويتمتع بثقافة عامة شعبية، وحكم ذاتي جمعي، ودولة، ويشارك في المجاملات الدولية بين الأمم، وتمثل أيديولوجية القومية مصدر شرعيته إن لم تكن مصدر إلهامه الإبداعي. إنه تصور لا يعكس فقط رؤية التنوير للمثالية العقلانية، بل يعكس أيضا صورتها المثالية عن الوطنية والفضيلة مضرب المثل في العصر الكلاسيكي. إنه أيضا مثال يسعى لتكوين المجتمع السياسي والتضامن من خلال المشاركة الفعالة للمواطنين ، وامتثالهم للقوانين ، وترسيخ الفضيلة المدنية، وهذا يتطلب نشر ثقافة عامة مميزة، وأفضل طريقة لتحقيق ذلك هو التعليم العام الموحد الجماهيري ومحاكاة «النماذج» البطولية التي كانت في الماضي. وهكذا أصبحت المواطنة والقانون والتعليم العلماني السمات المميزة للأمة التي تعتبر مجتمعا سياسيا مكونا من وطنيين.
13
في بعض الأحيان، يعتقد أن الوطنية المدنية مختلفة عن القومية، بل مناقضة لها. ومن تقاليد ومنطلقات مختلفة جدا، يوضح ماوريتسيو فيرولي ووكر كونر أن مصطلح الوطنية يجب أن يستخدم فقط لوصف المشاعر والولاء الموجهين نحو الدولة أو «الجمهورية» وإقليمها، في حين أن القومية توجه مشاعرها صوب الأمة كمجتمع ثقافي عرقي. وعلى النقيض من ذلك، فإن الوطنية جزء من تراث الدول المدن منذ العصر القديم وحتى جنيف في عصر روسو، ويجب عدم الخلط بينها وبين القومية العرقية التي روجها الرومانسيون وأتباعهم. على سبيل المثال، شهد القرن الثامن عشر انتشار كل أنواع «الجمعيات الوطنية» من أجل تحسين الأخلاق والصحة والزراعة وما شابه ذلك. وفي بعض الأحيان، كان يقال عن هذه الجمعيات الأخوية المنتمية إلى الطبقة الوسطى، التي لها أهداف جمعية، إنها مختلفة كثيرا في الشكل والمضمون عن الجمعيات القومية اللاحقة، التي كانت أهدافها فيلولوجية وتاريخية وفلكلورية، رغم وجود بعض التداخل في حالات عديدة؛ لذلك، فإن كثيرا من الجمعيات الوطنية التي ظهرت في الدنمارك أثناء القرن الثامن عشر كانت مخصص ل «الإصلاح» القومي في مجالات عملية مثل الزراعة والصحة والتجارة، مقارنة بالحركة القومية في القرن التاسع عشر التي هدفت إلى تجديد النسيج الثقافي والاجتماعي للأمة، ورغم ذلك يمكننا بالقدر نفسه أن نقول إن هذا لم يمثل إلا مرحلة أولى من مراحل تطور الإحساس بالهوية القومية، حتى وإن تطلب الأمر حركة تاريخانية لاحقة متمثلة في «القومية» كي تكتمل تلك العملية بنجاح.
14
ينبغي بلا شك توضيح فرق مهم ومفيد بين مفهوم الدولة ومفهوم الأمة؛ فكما رأينا في البداية، فإن مفهوم الدولة يشير إلى مجموعة من المؤسسات المستقلة في إقليم معين، في حين أن الأمة تشير إلى أحد أنواع المجتمعات الثقافية والتاريخية. وصحيح أيضا أنه على مدار قرون كان مصطلح «الوطنية» يشير إلى التعلق إما بمكان ميلاد المرء - سواء أكان حيا أم منطقة أم أرضا - أو بالدولة المدينة، كما في إيطاليا العصور الوسطى، ومؤخرا أصبح يشير إلى الولاء للدولة الإقليمية في حد ذاتها. من ناحية أخرى، في الحالتين الأخريين قد تتطابق الدولة ومجتمعها السياسي مع المجتمع الثقافي للأمة، ومن الصعب عمليا التمييز بين هذين النوعين من الولاء؛ فكثير من الأعضاء، لا سيما «العرقية» المسيطرة، لا يهتمون إلا قليلا بالفرق التحليلي بين الدولة ومجتمعها السياسي وبين الأمة كمجتمع ثقافي عرقي. وهذا هو الوضع إلى حد بعيد في حالة فرنسا، فمع مرور الوقت اندمجت الدولة والأمة، بالإضافة إلى المجتمع السياسي والمجتمع الثقافي العرقي، لتصبح كلها وجهين لعملة واحدة، على الرغم من أن هذا كان على نحو متزايد على حساب المجتمعات العرقية والأمم الأصغر حجما مثل البريتانيين والألزاسيين في «أمة فرنسا الكبرى»، أو الكتالانيين والباسكيين (البشكنج) في إسبانيا.
15
إلا أن عدم الاكتفاء بالتمييز بين التصور «العرقي» والتصور «المدني» للأمة والميل إلى معارضة أحدهما بالآخر يجعل هذا الفرق مربكا؛ فالتصور العرقي يرى أن الأمة مجموعة ممتدة من ذوي القرابة، تربطهم روابط النسب، ويشتركون في ثقافة سلفية مشتركة. في حين يرى التصور المدني أن الأمة مجتمع سياسي يضم مواطنين يعيشون في ظل الحكومة والقوانين نفسها في إقليم معين، ويشتركون في القيم والمثل المشتركة، وهذا هو نوع التعريف الموجود في «الموسوعة». في أغلب الأحيان، تعتبر فرنسا نموذجا أوليا للأمة المدنية كمجتمع سياسي. إلا أنه في حقيقة الأمر، امتزج في فرنسا كلا النوعين من الارتباطات الجمعية، السياسية والثقافية التاريخية، وبحلول القرن الثامن عشر استهدفت الدولة الأرستقراطية والملكية، وساعدت أساطير السلف المشترك المتمثل في بلاد الغال في إرساء «الوطن» على أساس أمة عرقية واحدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحاجة المتزايدة إلى التجانس الثقافي والتركيز الجديد على توحيد اللغة على أساس الفرنسية الباريسية أثناء الثورة، في محاولة لإضعاف اللهجات والعادات المحلية، أرسيا قواعد «الوطن» المدني وكونا الأمة الفرنسية على أساس «العرقية» الواحدة الموحدة سياسيا . إن وجود قدر من الهندسة الثقافية والاجتماعية لا يقلل من الامتزاج الفريد بين الهويات والمجتمعات الجمهورية المدنية والعرقية القومية.
16
حتى الفرق بين وطنية الدول المدن والقومية العرقية الثقافية الذي وضحه فيرولي ليس واضحا كما يقول؛ فكما رأينا في الفصل الرابع، كانت البندقية وفلورنسا تعتبران في الغالب أمتين، داخل إيطاليا وخارجها، وحتى أثينا القديمة - كما أوضح إدوين كوهين - كان يرى أرسطو أنها تمثل أمة بناء على حجمها ومساحتها بالإضافة إلى أساطير أصلها ونشأتها. والسبب في ذلك يرجع جزئيا إلى عامل يظهر في سرد فيرولي، ألا وهو التركيز الشديد على التاريخ والأسلاف الأبطال وتضحيتهم في الصور الذاتية لمواطني الدول المدن. وهذا أيضا سمة شائعة في معظم القوميات، وصفة بارزة في تعريف إرنست رينو الكلاسيكي للأمة.
ناپیژندل شوی مخ