عبدالكريم: سألتني عن مسأله لم يسألني عنها أحد قبلك ولا يسألني أحد بعدك عن مثلها، فقال أبوعبدالله (عليه السلام): هبك (1) علمت أنك لم تسأل فيما مضى فما علمك أنك لا تسأل فيما بعد، على أنك يا عبدالكريم نقضت قولك لانك تزعم أن الاشياء من الاول سواء فكيف قدمت وأخرت، ثم قال: يا عبدالكريم أزيدك وضوحا أرأيت لو كان معك كيس فيه جواهر فقال لك قائل: هل في الكيس دينار فنفيت كون الدينار في الكيس، فقال لك صف لي الدينار وكنت غير عالم بصفته هل كان لك أن تنفي كون الدينار عن الكيس وأنت لا تعلم؟ قال: لا ، فقال: أبوعبدالله (عليه السلام) فالعالم أكبر وأطول وأعرض من الكيس فلعل في العالم صنعة من حيث لا تعلم صفة الصنعة من غير الصنعة، فانقطع عبدالكريم وأجاب إلى الاسلام بعض أصحابه وبقي معه بعض.
فعاد في اليوم الثالث فقال: أقلب السؤال فقال له أبوعبدالله (عليه السلام): سل عما شئت فقال: ما الدليل على حدث الاجسام؟ فقال: إني ما وجدت شيئا صغيرا ولا كبيرا إلا وإذا ضم إليه مثله صار أكبر وفي ذلك زوال وانتقال عن الحالة الاولى ولو كان قديما ما زال ولا حال لان الذي يزول ويحول يجوز أن يوجد ويبطل فيكون بوجوده بعد عدمه دخول في الحدث وفي كونه في الازل دخوله في العدم ولن تجتمع صفة الازل والعدم والحدوث والقدم في شيء واحد، فقال عبدالكريم: هبك علمت في جري الحالتين والزمانين على ما ذكرت واستدللت بذلك على حدوثها فلو بقيت الاشياء على صغرها من أين كان لك أن تستدل على حدوثهن؟ فقال العالم (عليه السلام): إنما نتكلم على هذا العالم الموضوع فلو رفعناه ووضعنا عالما آخر كان لا شيء أدل على الحدث من رفعنا إياه ووضعنا غيره ولكن اجيبك من حيث قدرت أن تلزمنا فنقول: إن الاشياء لو دامت على صغرها لكان في الوهم أنه متى ضم شيء إلى مثله كان أكبر وفي جواز التغيير عليه خروجه من القدم كما أن في تغييره دخوله في الحدث ليس لك وراء ه شيء يا عبدالكريم فانقطع وخزي.
فلما كان من العام القابل التقي معه في الحرم فقال له بعض شيعته: إن ابن أبي العوجاء قد أسلم فقال العالم (عليه السلام): هو أعمى من ذلك لا يسلم، فلما بصر بالعالم قال:
مخ ۷۷