وتجدر الإشارة هنا إلى عدد النسخ التي كانت بحوزة ابن السراج من كتاب سيبويه، فنراه كلم وجد كلمة أو عبارة فيها أكثر من احتمال أو لها أكثر من وجه من وجوه التفسير رجع إلى نسخة معينة مشيرا إلى صاحب تلك النسخة مبينا أنها بخطه أو كانت ملكه: كالمبرد، وثعلب، والقاضي١، فهو يشبه المحقق في هذا الزمن، إذ إنه يحاول إخراج النص سليما، لا يشوبه الغموض، ولا يتطرق إليه الشك من قريب أو بعيد.
ولقد نال الأصول إعجاب من جاء بعد ابن السراج من الباحثين، وأثنوا عليه، ووضعوه في مكانه اللائق به.
قال ياقوت الحموي: وإليه المرجع عند اضطراب النقل واختلافه٢.
وقال الزبيدي في طبقاته: هو غاية في الشرف والفائدة، وهو من أجود الكتب المصنفة في هذا الشأن٣.
وقال ابن شاكر الكتبي: له كتاب الأصول في النحو، مصنف نفيس شرحه الرماني٤.
ولقد استشهد أبو بكر بن السراج في كتاب الأصول بالشعر في أماكن عديدة بما ثبت عن العرب أو أنه فهم على غير وجهه الصحيح. تتمثل هذه الشواهد بكثرة ما استشهد به من الشعر للغات العرب المختلفة أو لهجات بعض قبائلهم أو تعزيز القواعد التي قال بها فريق من النحاة؛ لأن السماع ورد بها وأنكرها فريق آخر لأنها تتعارض مع القياس، أو لأنهم لم يطمئنوا إلى
_________
١ هو إسماعيل بن إسحاق القاضي -ذكره السيرافي باسمه كاملا في شرح الكتاب ٥/ ١١٣، دار الكتب نسخة البغدادي- مات سنة ٢٨٢هـ.
٢ معجم الأدباء ١٨/ ١٩٩.
٣ طبقات الزبيدي/ ٢٢٢، وفيات الأعيان ٣/ ٤٢.
٤ عيون التواريخ "١٤٩٧" سنة ٣١٦هـ.
1 / 23