وكذلك لا يصح تعنيفه لمجرد أنه غير حاصل على حسن اقتدار فطري، بل يستبقى ذلك له إذا هو لم يستعمل مواهبه الفطرية كما يجب، على أن فرط المدح والثناء يؤدي بالطفل في الغالب إلى الصلف ولكن مهما يكن من الأمر فإن تجاوز حد الاعتدال في المدح خير من القصور عنه. هذا وإن الجد في البحث عن أخطاء الطفل واكتشافها وتأنيبه عليها لا يلائم خلة العطف التي لا مندوحة من وجودها بين المعلم وتلميذه، ولذلك يجب تجنبها.
الفصل الرابع
الشعور
(1) حب الحركة
الأطفال ذوو نشاط بالطبع، فلا يمكن أن يقلعوا عنه أو يقفوا عن الحركة، بل هم متحركون دائما ولا بد لهم في أوقات التنبه أن يفعلوا شيئا.
ولا يخفى أنه يصعب على الإنسان حتى ولو كان كبير السن أن يظل بلا حراك مدة طويلة، وإلا أدى الأمر إلى اعتقال العضل، فلا يصح - من باب أولى - أن يكلف الأطفال الجمود على وضع واحد مدة طويلة.
ونقول إن لحالة الجسم أثرا في الفؤاد، فإذا أراد المعلم أن يؤدي عقل الطفل عمله أحسن تأدية فليعن بصحة الجسمان، ويتضح مما تقدم أنه لا يصح أن ينتظر من الأطفال جلوسهم بلا حراك لا يعملون شيئا وبناء على ذلك يجب أن يترك لهم في الدرس فرصة يفعلون فيها شيئا علاوة على مجرد الالتفات إلى معلمهم. قال الأستاذ جوزيف بين:
يندر أن يرتاح الأطفال إلى الجلوس بلا عمل؛ فإن القلق والاضطراب اللذين يصادف منهما الأمهات والمعلمون متاعب جمة، هما - في الحقيقة - شيء من محاولة الروح بواسطة الجسم الحصول على عمل لما انطوت عليه من القوى. فإذا أراد المعلم أن يصرف عنه المشقة فما عليه إلا أن يسد حاجة نفوس الأطفال بأن يهيئ لهم أمرا يشتغلون به. بذلك يقف قلق أفكارهم وإضراب ذهنهم؛ إذ تتوجه وتنحصر في العمل الذي بين أيديهم، وبذلك يكون العقل في هدوء وهو في شغل شاغل.
ونقول إنه إذا لم تكن أيدي الأطفال مشتغلة بشيء أثناء الدرس فلا بد أن تكون عالقة بأذى أو مثل ذلك، اللهم إلا إذا كان المعلم لهم في حلاوة الدرس شغل عظيم؛ لذلك ينبغي أن يبتدع شيئا يشغل أيديهم كرفعها إشارة إلى الاستعداد للإجابة على سؤال، وكالتأشير أو الكتابة أو الرسم على السبورة، وغير ذلك. (2) العطف وعلاقته بالثواب والعقاب
العطف مشاركة الغير في شعوره بالتألم أو الفرح له. ويمكننا أن نقول إن إنصاف المرء أخاه هو في الحقيقة مجرد عطف ممثل بالعمل؛ لأن العطف يدفع من قد يكون متهيئا لفعل الشر إلى أن يحل نفسه محل المأذي.
ناپیژندل شوی مخ