200

اوستوره او ميراث

الأسطورة والتراث

ژانرونه

ولا ننسى أن الحية ظلت في المقدسات وراء سلب الخلود من الإنسان، وهي أيضا رمز الحياة والنبات، فهي تحمل قيمة ثنائية كالمرأة، فهي في التوراة التي أوعزت لأبوي البشر في عالم الخلد ليأكلا من نبتة المعرفة، فخسرا الخلود وطردهما الرب من جنة عدن. كذلك فإن «إبليس» في التراث الإسلامي عندما أراد إغواء أبوي البشر بالثمرة المحرمة في عالم الخلد، تلبس هيئة الحية. وانتهى الأمر هنا أيضا بخسران الخلد.

أما الرحلة إلى مطلع الشمس. فيحتمل أن المقصود بها جغرافيا بلاد الصين وسورها العظيم، وهو ما تجد له صدى في أخبار التراث، بتأكيدها وصول ذي القرنين إلى الصين، والسور العظيم هو استحكامات تمتد حوالي 240 كيلومترا، عبر شرقي الصين، بدأ تشييده الإمبراطور «شن هو أنجتي» الذي حكم ما بين سنة 246 وسنة 209ق.م. ليحمي بلاده من المتبربرين الشماليين.

101

وشيء هائل كهذا كان لا بد أن يبهر البدوي المرتحل لمجرد السماع بأمره، وكعادة العربي كان لا بد من شيء إعجازي لإقامة مثل هذا العمل العظيم، فكان محتملا أن ينسبه الجاهليون إلى من سبق أن عرفوه فاتحا مقتدرا كذي القرنين أو «الإسكندر»، حتى إن السامور الوارد في الرواية التراثية كقاطع للحديد والنحاس، ليس في أغلب ألسنة شرقي آسيا سوى الحد أو النصل أو السيف القاطع.

وإذا كان هذا الاحتمال صحيحا فستكون أمة «يأجوج ومأجوج» هم أهل شمال الصين، الذين صورتهم الرواية التراثية بالمبالغة والتهويل، والغريب أن نجد صدى لفكرة خلقهم من مني «آدم» في الرواية المصرية القديمة عن الكائنات الأولى، التي جاءت من مني الإله «آتوم» لما استمنى. أما النطق الصحيح لاسم الإله فهو «آتم»، ويعني التمام والكمال، وبتحول التاء المصرية إلى ما يقابلها في اللغات السامية يصبح الاسم «آتم» هو «آدم»!

102

وتأسيسا على هذه المجموعة من القرائن والشواهد، لا نجد مناصا من التصديق على احتسابنا «ذي القرنين» المعروف لعرب الجاهلية، وما جمعوه حوله من أساطير تغشت تراثنا، هو «ذو القرنين» القرآني نفسه، وهو «الإسكندر المقدوني» نفسه. ولا يبقى مجال للإشكال المثار لكون المقدوني تلميذا لأرسطو الفيلسوف، كمأخذ يحط من شأنه، مما لا يليق معه أن يكون هو «ذا القرنين»، بل العكس هو الصحيح تماما، فلا جدال أن تلمذة «الإسكندر» على «أرسطو» هي التي صنعت منه هذا الرجل العظيم، مصحوبا بالتهاويل، حتى يقول «نولدكه» في كتابه الآداب الشرقية: إن «الإسكندر» يعد قديسا مسيحيا عظيما في مقدسات المسيحيين الأحباش حتى اليوم.

103

ووجه الغرابة في هذا الاعتقاد المسيحي الحبشي أن قدسية المسيحي هذا كان سابقا على ظهور المسيحية والمسيح بقرون، واضح أنها ذهنية الاعتقاد والتقديس أينما كانت وأيا كان موضوعها! (3) الكافران النمروذ بن كنعان وبخت نصر

يقول تعالى في كتابه الكريم:

ناپیژندل شوی مخ