193

اوستوره او ميراث

الأسطورة والتراث

ژانرونه

وبعد استعراضنا للمادة التراثية حول «ذي القرنين »، يبقى علينا البرهنة على زعمنا، الذي لم نرشح فيه «الإسكندر المقدوني» ليكون «ذا القرنين» القرآني فقط، بل واحتسبناه هو محور كل حديث التراث، بداية من سؤال المكيين الاختباري، والذي أضمر المقدوني، وأسفر عن ملمح من طرف الخيط إمعانا في الإلغاز، لاستكشاف مصداقية علم النبي محمد

صلى الله عليه وسلم

اللدني، ومرورا بالرد القرآني الكريم على المتسائلين بالجواب المفحم، وانتهاء بروايات المحدثين والمفسرين وأصحاب السير والأخبار من رجالات تراثنا الأفاضل، ولكن موقفنا - في ضوء حجج «الجزائري» و«ابن تيمية» و«ابن كثير» - بحاجة إلى ما هو أكثر من التبرير، وربما كان مطلوبا منا - على الأقل - عدد من القرائن يرقى في مجمله إلى مرقى الدليل. وقد يبدو أننا في مأزق شديد، حيث لا دليل نقليا على ما زعمنا، وليس ثمة شخصية تاريخية - في المقابل - تحمل اسم «ذي القرنين»، وجلي أن المادة المتوافرة لدينا حتى الآن هي من القرآن الكريم، وما لحق آياته من شروح وتفاصيل، وهي - وإن مال بعض المفسرين لرأينا - لا يبدو أنها ستساعد في تقديم القرائن المطلوبة لترجيح مذهبنا، ناهيك عن القطع في الأمر.

لكن؛ ربما كان مناسبا هنا طرح نموذج لمنهجنا الذي سبق أن ساعفنا في دراسات عديدة منشورة. وفي إشكاليات لا تقل تعقيدا، واهتدينا بسننه سبيلا أقوم فيما عرض لنا من مشكلات، وبه كنا نجد - دوما - لآخر الحلقات، ارتباطاتها المتعشقة بأصولها على التوالي، في خط تطوري لا جدال فيه، وهو ما سنحاوله هنا أيضا، فإن أصبنا فلنا مثابة الأجر المضاعف، وإن أخطأنا فلنا إثابة الأجر الواحد، وهو يكفينا تماما، فما تجشمنا إلا مشقة البحث عن الجذور، وترتيب الأمر حسب الأصول، وهي مشقة لها من يقدرونها، وبهم نحن في غنى وكفاية، أما مثابة الأجر الواحد فهي تغنينا عن العالمين، لاتفاقها التناسبي مع كرم رب العالمين.

وحتى نسلك طريقنا إلى الجذور، فلا بأس من تنبيه للقارئ الكريم إلى أنه، إذا كان قد وجد فيما أسلفنا حتى الآن لذاذة المعرفة مع طرافة النادر في الأخبار، فربما وجد الآن بعض العناء والوعثاء ، فالدرب معقد شائك، ورغم ذلك فقد احتملنا مشقته عن القارئ، فهذبنا المتشابكات، وأعدنا شواذ الفروع والأغصان إلى مسلكها الصحيح، وقدر الإمكان غلفناه بالشائق، لكن للعلم صرامته رغم تطوع الباحث من أجل تطويع موضوعه يسرا للقارئ ؛ ومن ثم فربما جاء هذا الجزء من الدراسة نافرا بعض الشيء عن باقي العمل، وربما ارتأى فيه نشوزا بلا معنى، وربما رآه منقطع الصلة بموضوعنا؛ لذلك نطلب من القارئ الكريم إمهالنا شيئا يسيرا؛ ليتكشف له من الأمر كثير، فصبرا قليلا، وسيجد أن لكل معلومة ترد هنا مكانها، بل سيجد أن هذه الحلقة هي سدة الموضوع كله ولحمته، والله المستعان.

في كتابه «عجائب المخلوقات» يؤكد «القزويني» عن يقين، وبخلاصة ما تراكم - حتى عصره - من معارف الأولين، أنه «إذا دفن القرنان تحت شجرة بكرت بالحمل.»

80

أي إنه إذا دفن الزارع تحت الشجرة أو في الحقل قرنين من قرون الحيوانات، جاء محصوله مبكرا ووفيرا، لكن الغريب أن تخبرنا كتب التراث الإسلامية، أن أهل الجاهلية كانوا يعلقون بجدار الكعبة المشرفة قرنين.

81

وفي القديم تظهر لوحة رافدية قديمة للإله «آشور» رب الدولة الآشورية الأكبر، وهو يلبس قلنسوة ذات قرنين،

ناپیژندل شوی مخ